اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ} (17)

قوله : { يَطُوفُ } .

يجوز أن يكون حالاً ، وأن يكون استئنافاً .

{ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } أي : غلمان لا يموتون . قاله مجاهد .

والمعنى : لا موت لهم ولا فناء ، أو بمعنى لا يتغير حالهم ، ويبقون صغاراً دائماً .

وقال الحسن والكلبي : لا يهرمُون ولا يتغيرون{[54769]} .

ومنه قول امرئ القيس : [ الطويل ]

وهَلْ يَنْعَمَنْ إلاَّ سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ *** قَلِيلُ الهُمُومِ ما يَبِيتُ بأوْجَالِ{[54770]}

وقال سعيد بن جبير : «مخلّدون » مُقَرَّطُون{[54771]} .

يقال للقُرْط : الخَلَدة ، ولجماعة الحُلِيّ : الخِلدة .

وقيل : مسوَّرون ، ونحوه عن الفراء .

قال الشاعر : [ الكامل ]

ومُخَلَّداتٍ باللُّجَيْنِ كأنَّمَا *** أعْجَازُهُنَّ أقَاوِزُ الكُثْبَانِ{[54772]}

وقيل : مقرطون ، يعني : مُمَنْطَقُون من المناطق .

وقال عكرمة : «مخلّدون » منعمون{[54773]} .

وقيل : على سنٍّ واحدة ، أنشأهم الله لأهل الجنة يطوفون عليهم ، كما شاء من غير ولادة ؛ لأن الجنة لا ولادة فيها .

وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - والحسن البصري : «الوِلْدَان » هاهنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغاراً ، ولا حسنة لهم ولا سيّئة{[54774]} .

وقال سلمان الفارسي : أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة{[54775]} .

قال الحسن : لم يكن لهم حسنات يجازون بها ، ولا سيئات يعاقبون عليها ، فوضعوا هذا الموضع ، والمقصود أن أهل الجنة على أتم السرور والنعمة{[54776]} .


[54769]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/281) وينظر المصدر السابق.
[54770]:ذكره ديوانه ص (27)، المحتسب 2/130، والسراج المنير 4/183، واللسان (وجل)، والقرطبي 17/131.
[54771]:ذكره الطبري في "تفسيره" (11/629) والبغوي في "تفسيره" (4/281).
[54772]:ينظر اللسان (خلد)، والتاج 2/345 (خلد)، والقرطبي 17/131.
[54773]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (17/132).
[54774]:ينظر المصدر السابق.
[54775]:ينظر المصدر السابق.
[54776]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/219) وعزاه إلى عبد بن حميد.