" هذا " إشارةٌ إلى ما تقدَّم تَقْرِيرُه ، وهو أن الفِعْل يتوقَّف على الدَّاعِي ، وحُصُول تلك الدَّاعية من اللَّهِ-تبارك وتعالى- فوجَبَ كون الفِعْل من اللّه - تعالى- ، وذك يوجب التَّوْحِيد المَحْضَ ، وسماه صِرَاطاً ؛ لأن العِلْمَ به يؤدِّي إلى العِلْمِ بالتَّوحيد الحق .
وقيل : " هذا " إشارَةٌ إلى الَّذِي أنْتَ عليه يا مُحَمَّد طريق ربِّك ودينه الذي ارتَضَى لنَفْسِهِ ، مسْتقِيماً لا عوجَ فيه وهُو الإسْلامُ .
وقال ابن مَسْعُود- رضي الله عنهما- و " هذا " إشَارةٌ إلى القُرآن الكريم{[15178]} .
قوله- تعالى- : " مُسْتَقِيماً " حال من " صِرَاط " والعَامِل فيه أحَد شَيْئَيْن : إمَّا " هَا " لما فيها من مَعْنَى التَّنْبيه ، وإمَّا " ذَا " لما فِيهِ من مَعْنَى الإشارةِ ، وهي حظَال مؤكدَةٌ لا مُبَيَّنة ؛ لأن صرَاط اللَّه لا يكُون إلاَّ كذلِك .
قال الواحدي{[15179]} : انْتَصَب " مُسْتَقِيماً " على الحَالِ ، والعَامِل فيه مَعْنَى هذا ، وذلك أن " ذَا " يَتَضَمَّن مَعْنَى الإشارة ؛ كقولك : هذا زَيْدٌ قَائِماً ، مَعْنَاه : أشِيرُ إليه في حَالِ قِيَامِه ، وإذا كان العَامِلُ في الحَالِ مَعْنَى الفِعْل لا الفِعْل ، لم يَجُزْ تقديمُ الحالِ عليه ، لا يَجُوز : " قَائِماً هذا زَيْد " و [ يجوز ] ضَاحِكَاً جَاءَ زَيْدٌ .
ثم قال تبارك وتعالى : { قَدْ فَصَّلْنَا الآيات } أي : ذكرناها فَصْلاً فَصْلاً ، بحيث لا يَخْتَلِطُ وَاحِدٌ منها بالآخَرِ ، وقوله : " لقوم يذّكّرون " .
قال ابن الخطيب{[15180]} : فالذي أظنه والعلم عند الله أنه تبارك وتعالى – إنما جعل مقطع هذه الآية الكريمة هذه اللفظة ؛ لأنه تقرّر في عقل كلّ واحد أن أحد طرفي الممكن لا يترجّح علىالآخر إلا لمرجِّح ، فكأنه – تبارك وتعالى - يَقُول للمْعَتزِليّ : أيها المعتَزِلِيّ ، تذكِّر ما تقرَّر في عَقْلِك أن الممْكِن ؛ لا يتَرجَّحُ أحَدُ طَرَفَيْه على الآخَر إلاَّ لمرجِّحٍ ، حتَّى تزولَ الشُّبْهَة عن قَلْبِك بالكُلِّية في مَسْألة القَضَاء والقَدَرِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.