غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَهَٰذَا صِرَٰطُ رَبِّكَ مُسۡتَقِيمٗاۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَذَّكَّرُونَ} (126)

122

ثم قال : { وهذا صراط ربك } في المشار إليه وجوه منها : أنه المذكور في الآية المتقدمة . أما على مذهب الأشاعرة وهو أن الفعل يتوقف على الداعي وحصول تلك الداعية من الله تعالى فيكون الفعل من الله ، ويلزم استناد الكل إلى قضائه وقدره . وأما على مذهب المعتزلة فالمراد هذا الذي قررنا طريقته التي اقتضتها الحكمة وعادته الجارية في عباده من التوفيق والخذلان . ومعنى { مستقيماً } عادلاً مطرداً . وانتصابه على الحال المؤكدة والعامل ما في اسم الإشارة من معنى الفعل . أو هو محذوف أي أحقه . وعن ابن عباس : يريد هذا الذي أنت عليه يا محمد دين ربك . وقال ابن مسعود : يعني القرآن : { قد فصلنا الآيات } ذكرناها فصلاً فصلاً بحيث لا يختلط واحد منها بالآخر . قال في التفسير الكبير : قد بيّن الله تعالى صحة القول بالقضاء والقدر في آيات من هذه السورة متوالية متعاقبة بطرق كثيرة ووجوه مختلفة . وختم الآية بقوله : { لقوم يذكرون } لأنه تقرر في عقل كل واحد أن أحد طرفي الممكن لا يترجح عن الآخر إلا لمرجح فكأنه يقول للمعتزلي : تذكر ما تقرر في عقلك أن الممكن لا يترجح أحد طرفيه إلا لمرجح حتى تزول الشبهة عن قلبك فإن حصول الفعل عن القادر لو لم يتوقف على الداعي مع تساوي طرفيه وجب أن يحصل هذا الاستغناء في كل الممكنات والمحدثات وحينئذٍ يلزم نفس الصانع وإبطال القول والفعل والفاعل والتأثير والمؤثر .

/خ130