مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

ثم قال تعالى : { أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى } لما قرر الرسالة ذكر ما ينبغي أن يبتدئ به الرسول وهو التوحيد ومنع الخلق عن الإشراك ، فقوله تعالى : { أفرأيتم } إشارة إلى إبطال قولهم بنفس القول كما أن ضعيفا إذا ادعى الملك ثم رآه العقلاء في غاية البعد عما يدعيه يقولون انظروا إلى هذا الذي يدعي الملك ، منكرين عليه غير مستدلين بدليل لظهور أمره ، فلذلك قال : { أفرأيتم اللات والعزى } أي كما هما فكيف تشركونهما بالله ، والتاء في اللات تاء تأنيث كما في المناة لكنها تكتب مطولة لئلا يوقف عليها فتصير هاء فيشتبه باسم الله تعالى ، فإن الهاء في الله أصلية ليست تاء تأنيث وقف عليها فانقلبت هاء ، وهي صنم كانت لثقيف بالطائف ، قال الزمخشري هي فعله من لوى يلوي ، وذلك لأنهم كانوا يلوون عليها ، وعلى ما قال فأصله لوية أسكنت الياء وحذفت لالتقاء الساكنين فبقيت لوه قلبت الواو ألفا لفتح ما قبلها فصارت لات ، وقرئ اللات بالتشديد من لت ، قيل إنه مأخوذ من رجل كان يلت بالسمن الطعام ويطعم الناس فعبد واتخذ على صورته وثن وسموه باللات ، وعلى هذا فاللات ذكر ، وأما العزى فتأنيث الأعز وهي شجرة كانت تعبد ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه فقطعها وخرجت منها شيطانة مكشوفة الرأس منشورة الشعر تضرب رأسها وتدعوا بالويل والثبور فقتلها خالد وهو يقول :

يا عز كفرانك لا سبحانك *** إني رأيت الله قد أهانك

ورجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما رأى وفعل فقال تلك العزى ولن تعبد أبدا .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

19 - أعلمتم ذلك ففكرتم في شأن اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ، التي اتخذتموها آلهة تعبدونها ؟ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

ذلك هو الأمر المستيقن ، الذي يدعوهم إليه محمد [ صلى الله عليه وسلم ] فأما هم فعلام يستدنون في عبادتهم وآلهتهم وأساطيرهم ? علام يستندون في عبادتهم لللات والعزى ومناة ? وفي ادعائهم الغامض أنهن ملائكة ، وأن الملائكة بنات الله ? وأن لهن شفاعة ترتجى عند الله ? إلى أي بينة ? وإلى أية حجة ? وإلى أي سلطان يرتكنون في هذه الأوهام ? هذا ما يعالجه المقطع الثاني في السورة :

أفرأيتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى . ألكم الذكر وله الأنثى ? تلك إذن قسمة ضيزى ! إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآبائكم ما أنزل الله بها من سلطان . إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى . أم للإنسان ما تمنى ? فلله الآخرة والأولى . وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا َ ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى . إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى . وما لهم به من علم ، إن يتبعون إلا الظن ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا . .

وكانت( اللات )صخرة بيضاء منقوشة ، وعليها بيت بالطائف له أستار وسدنة ، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تابعها ، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب عدا قريش لأن عندهم الكعبة بيت إبراهيم عليه السلام . ويظن ان اسمها [ اللات ] مؤنث لفظ الجلالة " الله " . سبحانه وتعالى .

وكانت [ العزى ] شجرة عليها بناء وأستار بنخلة - وهي بين مكة والطائف - وكانت قريش تعظمها . كما قال أبو سفيان يوم أحد . لنا العزى ولا عزى لكم . فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " . ويظن أن اسمها [ العزى ] مؤنث( العزيز ) . .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

قوله جلّ ذكره : { أَفَرَأيْتُمْ الَّلاَتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرَُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذاَ قِسْمَةٌ ضِيزَى } .

هذه أصنامٌ كانت العرب تعبدها ؛ فاللات صنمٌ لثقيف ، والعُزَّى شجرةٌ لغطفان ، ومناة صخرة لهذيل وخزاعة .

ومعنى الآية : أَخْبِرونا . . . هل لهذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله من القدرة أن تفعل بعائذٍ بها ما فَعَلْنا نحن لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم من الرُّتب والتخصيص ؟ .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

{ أفرأيتم اللات والعزى . . . } أي أعقيب ما سمعتم من آثار كمال عظمته تعالى ، وأحكام قدرته

ونفاذ أمره ، رأيتم هذه الأصنام مع غاية حقارتها بنات الله سبحانه ! ! وكانوا يقولون لها وللملائكة : بنات الله . واللات : صخرة لثقيف بالطائف . والعزى : سمرات بنخلة لغطفان ، وهي التي قطعها خالد ابن الوليد بأمره صلى الله عليه وسلم . ومناة : صخرة لهذيل وخزاعة أو لثقيف . وقيل : إن الثلاثة كانت أصناما بالكعبة .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

{ أَفَرَءيْتُمُ اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى } هي أصنام كانت لهم فاللات كما قال قتادة : لثقيف بالطائف ، وأنشدوا :

وفرت ثقيف إلى ( لاتها ) *** بمقلب الخائب الخاسر

/ وقال أبو عبيدة . وغيره : كان بالكعبة ، وقال ابن زيد : كان بنخلة عند سوق عكاظ يعبده قريش ، ورجح ابن عطية قول قتادة ، وقال أبو حيان : يمكن الجمع بأن يكون المسمى بذلك أصناماً فأخبر عن كل صنم بمكانه ، والتاء فيه قيل : أصلية وهي لام الكلمة كالباء في باب ، وألفه منقلبة فيما يظهر من ياء لأن مادة ( ل ي ت ) موجودة فإن وجدت مادة ( ل و ت ) جاز أن تكون منقلبة من واو ، وقيل : تاء العوض ، والأصل لوية بزنة فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليه ويعتكفون للعبادة ، أو يلتون عليه أي يطوفون فخفف بحذف الياء وأبدلت واوه ألفاً ، وعوض عن الياء تاءاً فصارت كتاء أخت وبنت ، ولذا وقف عليها بالتاء ، وقرأ ابن عباس . ومجاهد . ومنصور بن المعتمر . وأبو صالح . وطلحة . وأبو الجوزاء . ويعقوب . وابن كثير في رواية بتشديد التاء على أنه اسم فاعل من لت يلت إذا عجن قيل : كان رجل يلت السويق للحاج على حجر فلما مات عبدوا ذلك الحجر إجلالاً له وسموه بذلك ، وعن مجاهد أنه كان على صخرة في الطائف يصنع حيسا ويطعم من يمرّ من الناس فلما مات عبدوه ، وأخرج ابن أبي حاتم . وابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يلت السويق على الحجر فلا يشرب منه أحد إلا سمن فعبدوه ، وأخرج الفاكهي عنه أنه لما مات قال لهم عمرو بن حلى : إنه لم يمت ولكنه دخل الصخرة فعبدوها وبنوا عليها بيتاً ، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنه قال : كان رجل من ثقيف يلت السويق بالزيت فلما توفي جعلوا قبره وثناً ، وزعم الناس أنه عامر بن الظرب أحد عدوان ، وقيل : غير ذلك { والعزى } لغطفان وهي على المشهور سمرة بنخلة كما قال قتادة وأصلها تأنيث الأعز ، وأخرج النسائي . وابن مردويه عن أبي الطفيل قال : «لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى فأتاها خالد وكانت ثلاث سمرات فقطع السماوات وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : ارجع فإنك لم تصنع شيئاً فرجع خالد فلما أبصرته السدنة مضوا وهم يقولون يا عزي يا عزي فأتاها فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال عليه الصلاة والسلام : تلك العزى »

وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم بعث إليها خالداً فقطعها فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها واضعة يدها على رأسها فضربها بالسيف حتى قتلها وهو يقول :

يا عز كفرانك لا سبحانك *** إني رأيت الله قد أهانك

ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام : «تلك العزى ولن تعبد أبداً » وقال ابن زيد : كانت العزى بالطائف ، وقال أبو عبيدة : كانت بالكعبة ، وأيده في البحر بقول أبي سفيان في بعض الحروب للمسلمين لنا العزى ولا عزى لكم ؛ وذكر فيه أنه صنم وجمع بمثل ما تقدم { ومناة } قيل : صخرة كانت لهذيل . وخزاعة ، وعن ابن عباس لثقيف ، وعن قتادة للأنصار بقديد ، وقال أبو عبيدة : كانت بالكعبة أيضاً ، واستظهر أبو حيان أنها ثلاثتها كانت فيها قال : لأن المخاطب في قوله تعالى : أفرأيتم قريش ؟ وفيه بحث ، ومناة مقصورة قيل : وزنها فعلة ، وسميت بذلك لأن دماء النسائك كانت تمنى عندها أي تراق ، وقرأ ابن كثير على ما في البحر مناءة بالمد والهمز كما في قوله :

ألا هل أتي تميم بن عبد ( مناءة ) *** على النأى فيما بيننا ابن تميم

ووزنها مفعلة فالألف منقلبة عن واو كما في مقالة ، والهمزة أصل وهي مشتقة من النوء كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنوار تبركاً بها ، والظاهر أن ( الثالثة الأخرى ) صفتان لمناة وهما على ما قيل : للتأكيد فإن كونها ثالثة وأخرى مغايرة لما تقدمها معلوم غير محتاج للبيان ، وقال بعض الأجلة : ( الثالثة ) للتأكيد ، و ( الأخرى ) للذم بأنها متأخرة في الرتبة وضيعة المقدار ، وتعقبه أبو حيان بأن آخر ومؤنثة أخرى لم يوضعا لذم ولا لمدح وإنما يدلان على معنى غير ، والحق أن ذلك باعتبار المفهوم الأصلي وهي تدل على ذم السابقتين أيضاً قال في الكشف : هي اسم ذم يدل على وضاعة السابقتين بوجه أيضاً لأن { أخرى } تأنيث آخر تستدعي المشاركة مع السابق فإذا أتى بها لقصد التأخر في الرتبة عملاً بمفهومها الأصلي إذ لا يمكن العمل بالمفهوم العرفي لأن السابقتين ليستا ثالثة أيضاً استدعت المشاركة قضاءاً لحق التفضيل ، وكأنه قيل : ( الأخرى ) في التأخر انتهى وهو حسن ، وذكر في نكتة ذم مناة بهذا الذم أن الكفرة كانوا يزعمون أنها أعظم الثلاثة فأكذبهم الله تعالى بذلك .

وقال الإمام : ( الأخرى ) صفة ذم كأنه قال سبحانه : ( ومناة الثالثة ) الذليلة وذلك لأن اللات كان على صورة آدمي { والعزى } صورة نبات { ومناة } صورة صخرة ، فالآدمي أشرف من النبات ، والنبات أشرف من الجماد فالجماد متأخر ومناة جماد فهي في أخريات المراتب ، وأنت تعلم أنه لا يتأتى على كل الأقوال ، وقيل : ( الأخرى ) صفة للعزى لأنها ثانية اللات ، والثانية يقال لها ( الأخرى ) وأخرت لموافقة رؤوس الآي ، وقال الحسن ابن المفضل : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير والعزى الأخرى { ومناة الثالثة } ولعمري إنه ليس بشيء والكلام خطاب لعبدة هذه المذكورات وقد كانوا مع عبادتهم لها يقولون : إن الملائكة عليهم السلام وتلك المعبودات الباطلة بنات الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فقيل لهم توبيخا وتبكيتا { أفرأيتم } الخ والهمزة للإنكار والفاء لتوجيهه إلى ترتيب الرؤية على ما ذكر من شؤون الله تعالى المنافية لها غاية المنافاة وهي علمية عند كثير ، ومفعولها الثاني على ما اختاره بعضهم محذوف لدلالة الحال عليه ، فالمعنى أعقيب ما سمعتم من آثار كمال عظمة الله عز وجل في ملكه وملكوته وجلاله وجبروته وإحكام قدرته ونفاذ أمره رأيتم هذه الأصنام مع غاية حقارتها بنات الله سبحانه وتعالى .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

شرح الكلمات :

{ أفرأيتم اللات والعزى } : أي أخبروني عن أصنامكم التي اشتققتم لها أسماء من أسماء الله وأنثتموها .

/د19

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

{ 19-25 } { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى * أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى }

لما ذكر تعالى ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق ، والأمر بعبادة الله وتوحيده ، ذكر بطلان ما عليه المشركون من عبادة من ليس له من أوصاف الكمال شيء ، ولا تنفع ولا تضر ، وإنما هي أسماء فارغة عن المعنى ، سماها المشركون هم وآباؤهم الجهال الضلال ، ابتدعوا لها من الأسماء الباطلة التي لا تستحقها ، فخدعوا بها أنفسهم وغيرهم من الضلال ، فالآلهة التي بهذه الحال ، لا تستحق مثقال ذرة من العبادة ، وهذه الأنداد التي سموها بهذه الأسماء ، زعموا أنها مشتقة من أوصاف هي متصفة بها ، فسموا " اللات " من " الإله " المستحق للعبادة ، و " العزى " من " العزيز "