النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

{ أَفَرَءيْتُمُ اللاَّت وَالْعُزَّى } أما اللات فقد كان الأعمش يشددها ، وسائر القراء على تخفيفها ، فمن خففها فلهم فيها قولان :

أحدهما : أنه كان صنماً بالطائف زعموا أن صاحبه كان يلت عليه السويق لأصحابه ، قاله السدي .

الثاني : أنه صخرة يلت عليها السويق بين مكة والطائف ، قاله عكرمة . وأما من شددها فلهم فيها قولان :

أحدهما : أنه كان رجلاً يلت السويق على الحجر فلا يشرب منه أحد إلا سمن فعبدوه ، ثم مات فقلبوه على قبره ، قاله ابن عباس ، ومجاهد .

الثاني : أنه كان رجلاً يقوم على آلهتهم ويلت لهم السويق بالطائف ، قاله السدي . وقيل إنه عامر بن ظرب العدواني ثم اتخذوا قبره وثناً معبوداً ، قال الشاعر{[2802]} :

لا تنصروا اللات إن الله مهلكها *** وكيف ينصركم من ليس ينتصر .

وأما { الْعُزَّى } ففيه قولان :

أحدهما : أنه صنم كانوا يعبدونه ، قاله الجمهور .

الثاني : أنها شجرة كان يعلق عليها ألوان العهن{[2803]} تعبدها سليم ، وغطفان ، وجشم ، قال مقاتل : وهي سمرة{[2804]} ، قال الكلبي : هي التي بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد حتى قطعها ، وقال أبو صالح : بل كانت نخلة يعلق عليها الستور والعهن .

وقيل في اللات والعزى قول ثالث : أنهما كانا بيتين يعبدهما المشركون في الجاهلية ، فاللات بيت كان بنخلة يعبده كفار قريش ، والعزى بيت كان بالطائف يعبده أهل مكة والطائف .


[2802]:هو شداد بن عارض الجشمي قاله في أبيات حين هدمت اللات وحرفت ينهى ثقيفا عن العود إليها والغضب لها.
[2803]:العهن: الصوف المصبوغ، ومنه قوله تعالى: وتكون الجبال كالعهن المنقوش.
[2804]:السمر: نوع من الشجر.