معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

قوله تعالى : { أفرأيتم اللات والعزى } هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها ، اشتقوا لها من أسماء الله تعالى فقالوا من الله : اللات ، ومن العزيز : العزى . وقيل : العزى ، تأنيث الأعز ، أما اللات قال قتادة : كانت بالطائف ، وقال ابن زيد : ببطن نخلة كانت قريش تعبده . وقرأ ابن عباس ومجاهد وأبو صالح : اللات بتشديد التاء ، وقالوا : كان رجلا يلت السويق للحاج ، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه . وقال مجاهد ، كان في رأس جبل له غنيمة يسلأ منها السمن ويأخذ منها الأقط ، ويجمع رسلها ثم يتخذ منها حيساً فيطعم منه الحاج ، وكان ببطن نخلة ، فلما مات عبدوه ، وهو اللات . وقال الكلبي : كان رجلاً من ثقيف يقال له صرمة بن غنم ، وكان يسلأ السمن فيضعها على صخرة ثم تأتيه العرب فتلت به أسوقتهم ، فلما مات الرجل حولتها ثقيف إلى منازلها فعبدتها ، فعمدت الطائف على موضع اللات . وأما العزى قال مجاهد : هي شجرة بغطفان كانوا يعبدونها ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها فجعل خالد بن الوليد يضربها بالفأس ويقول : يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية بويلها واضعة يدها على رأسها . ويقال : " إن خالداً رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد قلعتها ، فقال : ما رأيت ؟ قال : ما رأيت شيئاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما قلعت ، فعاد ومعه المعول فقلعها واجتث أصلها فخرجت منها امرأة عريانة ، فقتلها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك ، فقال : تلك العزى ولن تعبد أبداً " . وقال الضحاك : هي صنم لغطفان وضعها لهم سعد بن سالم الغطفاني ، وذلك أنه قدم مكة فرأى الصفا والمروة ، ورأى أهل مكة يطوفون بينهما ، فعاد إلى بطن نخلة ، وقال لقومه :إن لأهل مكة الصفا والمروة وليستا لكم ولهم إله يعبدونه وليس لكم ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : أنا أصنع لكم كذلك ، فأخذ حجراً من الصفا وحجراً من المروة ونقلهما إلى نخلة ، فوضع الذي أخذه من الصفا ، فقال : هذا الصفا ، ثم وضع الذي أخذه من المروة ، فقال : هذه المروة ، ثم أخذ ثلاثة أحجار فأسندها إلى شجرة ، فقال : هذا ربكم ، فجعلوا يطوفون بين الحجرين ويعبدون الحجارة ، حتى افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، فأمر برفع الحجارة ، وبعث خالد بن الوليد إلى العزى فقطعها . وقال ابن زيد : هي بيت بالطائف كانت تعبده ثقيف .