الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

قوله : { اللاَّتَ } : اسمُ صَنَمٍ . قيل : كان لثَقيفِ بالطائف ، قاله : قتادة . وقيل : بنخلة . وقيل : بعُكاظ . ورَجَّح ابنُ عطيةً الأولَ بقولِ الشاعر :

وفَرَّتْ ثَقِيْفٌ إلى لاتِها *** بمُنْقَلَبِ الخائبِ الخاسرِ

والألف واللام في " اللات " زائدةٌ لازمةٌ . فأمَّا قولُه : " إلى لاتِها " فَحَذَفَ للإِضافة . وهل هي والعُزَّى عَلَمان بالوَضْع ، أو صفتان غالبتان ؟ خلافٌ ويَتَرَتَّبُ على ذلك جوازُ حَذْفِ أل وعدمُه . فإنْ قلنا : إنهما ليسا وصفَيْن في الأصلِ فلا تُحْذَفُ منهما أل . وإنْ قلنا : إنهما صفتان ، وإنَّ أل لِلَمْحِ الصفةِ جاز ، وبالتقديرَيْن فأل زائدةٌ . وقال أبو البقاء : " وقيل : هما صفتان غالبتان مثلَ : الحارث والعباس فلا تكون أل زائدة " انتهى .

وهو غَلَطٌ لأن التي لِلَمْحِ الصفةِ منصوصٌ على زيادِتها ، بمعنى أنها لم تؤثِّرْ تعريفاً .

واخْتُلِف في تاء " اللات " فقيل : أصلٌ ، وأصلُه مِنْ لات يليتُ فألفُها عن ياءٍ ، فإنَّ مادةَ ل ي ت موجودةٌ . وقيل : زائدة ، وهي مِنْ لَوَى يَلْوي لأنهم كانوا يَلْوُوْن أعناقَهم إليها ، أو يَلْتَوون أي : يَعْتكِفُون عليها ، وأصلُها لَوَيَة فحُذِفت لأمُها ، فألفُها على هذا مِنْ واوٍ . وقد اختلف القراءُ في الوقف على تائِها . فوقف الكسائيُّ عليها بالهاء والباقون بالتاء ، وهو مبنيُّ على القولَيْن المتقدمَيْن : فَمَنْ اعتقدَ تاءَها أصليةً أقَرَّها في الوقف كتاء بَيْت ، ومَنْ اعتقد زيادتَها وَقَف عليها هاءً . والعامَّةُ على تخفيفِ تائِها . وقرأ ابن عباس ومجاهد ومنصور بن المعتمر وأبو الجوزاء وأبو صالح وابن كثير في روايةٍ بتشديدِ التاء . وقيل : هو رجلٌ كان يَلُتُّ السَّوِيْق ويُطْعِمُ الحاجَّ ، فهو اسمُ فاعلٍ في الأصل غَلَبَ على هذا الرجلِ ، وكان يجلسُ عند حَجَرٍ ، فلما مات سُمِّي الحَجَرُ باسمِه وعُبِدَ مِنْ دون الله تعالى .

والعُزَّى فُعْلى من العِزِّ ، وهي تأنيثُ الأَعَزِّ كالفُضْلى ، والأفضل ، وهي اسمُ صنمٍ . وقيل : شجرةٌ كانت تُعْبَدُ .