مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِي سَكۡرَتِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (72)

أما قوله : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } فيه مسائل :

المسألة الأولى : العمر والعمر واحد وسمي الرجل عمرا تفاؤلا أن يبقى ، ومنه قول ابن أحمر :

ذهب الشباب وأخلق العمر *** . . .

وعمر الرجل يعمر عمرا وعمرا ، فإذا أقسموا به قالوا : لعمرك وعمرك فتحوا العين لا غير . قال الزجاج : لأن الفتح أخف عليهم وهم يكثرون القسم بلعمري ولعمرك فالتزموا الأخف .

المسألة الثانية : في قوله : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } قولان : الأول : أن المراد أن الملائكة قالت للوط عليه السلام : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } أي في غوايتهم يعمهون ، أي يتحيرون فكيف يقبلون قولك ، ويلتفتون إلى نصيحتك . والثاني : أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه تعالى أقسم بحياته وما أقسم بحياة أحد ، وذلك يدل على أنه أكرم الخلق على الله تعالى قال النحويون : ارتفع قوله : { لعمرك } بالابتداء والخبر محذوف ، والمعنى : لعمرك قسمي وحذف الخبر ، لأن في الكلام دليلا عليه وباب القسم يحذف منه الفعل نحو : بالله لأفعلن ، والمعنى : أحلف بالله فيحذف لعلم المخاطب بأنك حالف .