الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِي سَكۡرَتِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (72)

والعَمْر والعُمْر بفتح العين وضمِّها واحدٌ ، وهما مدة الحياة ، ولا يستعملُ في القَسَم إِلا بالفتحِ ، وفي هذه الآية شرَفٌ لنبينا محمَّد صلى الله عليه وسلم لأن اللَّه عزَّ وجلَّ أقسَمَ بحياته ، ولم يفعلْ ذلك مع بَشَرٍ سواه ، قاله ابن عباس .

( ت ) : وقال : ( ص ) : اللام في { لَعَمْرُكَ } [ الحجر : 72 ] للابتداءِ ، والكافُ خطابٌ لِلُوطٍ عليه السلام ، والتقديرُ : قالتِ الملائكةُ له : لَعَمْرُكَ ، واقتصر على هذا .

وما ذَكَرَهُ ( ع ) : هو الذي عَوَّل عليهِ عِيَاضٌ وغيره ، وقال ابن العربيِّ في «أحكامه » : قال المفسِّرون بأجمعهم : أقْسَمَ اللَّهُ في هذه الآيةِ بِحَيَاةِ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، ولا أدْرِي ما أخرجَهم عن ذكْر لُوطٍ إِلى ذكْرِ محمَّد عليه السلام ، وما المانعُ أنْ يُقْسِمَ اللَّه بحياةِ لوطٍ ، ويبلغ به من التشريفِ ما شاءَ ، وكلُّ ما يُعْطِي اللَّه لِلُوطٍ مِنْ فضلٍ ، ويؤتيه مِنْ شَرَفٍ ، فلنبيِّنا محمَّد عليه السلام ضعفاه لأنه أكرمُ على اللَّه منه ، وإِذا أقسم اللَّه بحياةِ لوطٍ ، فحياة نبينا محمَّد عليه السلام أرْفع ، ولا يخرج من كلامٍ إِلى كلامٍ آخر غيره ، لم يجْرِ له ذكْرٌ ؛ لغير ضرورة . انتهى .

( ت ) : وما ذكَرَه الجمهورُ أحْسَنُ لأن الخطاب خطابُ مواجهةٍ ، ولأنه تفسير صحابيٍّ ، وهو مقدَّم على غيره . و{ يَعْمَهُونَ } : معناه : يتردَّدون في حيرتهم .