{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } العمر والعمر بالفتح والضم واحد ، لكنهم خصوا القسم بالمفتوح ، لإيثار الأخف فإنه كثير الدور على ألسنتهم . ذكر ذلك الزجاج . قال القاضي عياض : اتفق أهل التفسير في هذا أنه قسم من الله ، جلّ جلاله ، بمدة حياة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكذا حكى إجماع المفسرين على هذا المعنى أبو بكر بن العربي ، فقال : قال المفسرون بأجمعهم : أقسم الله تعالى ها هنا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم تشريفاً له . قال أبو الجوزاء : ما أقسم الله سبحانه بحياة أحد غير محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أكرم البرية عنده . قال ابن العربي : ما الذي يمتنع أن يقسم الله سبحانه بحياة لوط ويبلغ به من التشريف ما شاء ، وكل ما يعطيه الله تعالى للوط من فضل يؤتي ضعفه من شرف لمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه أكرم على الله منه ، أو لا تراه سبحانه أعطى إبراهيم الخلة وموسى التكليم ، وأعطى ذلك لمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ فإذا أقسم الله سبحانه بحياة لوط فحياة محمد أرفع . قال القرطبي : ما قاله حسن ، فإنه يكون قسمه سبحانه بحياة محمد صلى الله عليه وسلم كلاماً معترضاً في قصة لوط . فإن قيل : قد أقسم الله سبحانه بالتين والزيتون وطور سينين ، ونحو ذلك فما فيهما من فضل ؟ وأجيب بأنه ما من شيء أقسم الله به إلاّ وفي ذلك دلالة على فضله على جنسه ، وذكر صاحب الكشاف وأتباعه : أن هذا القسم هو من الملائكة على إرادة القول أي : قالت الملائكة للوط : لعمرك ، ثم قال : وقيل الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أقسم بحياته وما أقسم بحياة أحد قط كرامة له . انتهى . وقد كره كثير من العلماء القسم بغير الله سبحانه ، وجاءت بذلك الأحاديث الصحيحة في النهي عن القسم بغير الله ، فليس لعباده أن يقسموا بغيره . وهو سبحانه يقسم بما شاء من مخلوقاته { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْألُونَ } [ الأنبياء : 23 ] . وقيل : الإقسام منه سبحانه بالتين والزيتون ، وطور سينين ، والنجم ، والضحى ، والشمس ، والليل ، ونحو ذلك هو على حذف مضاف هو المقسم به ، أي : وخالق التين ، وكذلك ما بعده . وفي قوله : { لَعَمْرُكَ } أي : وخالق عمرك . ومعنى { أنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } : لفي غوايتهم يتحيرون ، جعل الغواية ، لكونها تذهب بعقل صاحبها كما تذهب به الخمر سكرة ، والضمير لقريش . على أن القسم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، أو [ لقوم ] لوط على أن القسم للرسول عليه السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.