السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ مَا قَدۡ سَبَقَۚ وَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ مِن لَّدُنَّا ذِكۡرٗا} (99)

كأنه قيل : هل يعاد شيء من القصص على هذا الأسلوب البديع ، والمثال الرفيع ، فقيل : نعم { كذلك } أي : مثل هذا القص العالي في هذا النظم العزيز الغالي كقصة موسى ومن ذكر معه { نقص عليك من أنباء } أي : أخبار { ما قد سبق } من الأمم زيادة في علمك وإجلالاً لمقدارك ، وتسلية لقلبك ، وإذهاباً لحزنك بما اتفق للرسل من قبلك ، وتكثيراً لبيناتك ، وزيادة في معجزاتك ، وليعتبر السامع ويزداد المستبصر في دينه بصيرة ، وتتأكد الحجة على من عاند وكابر { وقد أتيناك } أي : أعطيناك تشريفاً لك وتعظيماً لقدرك { من لدنا } أي : من عندنا { ذكراً } أي : كتاباً هو القرآن وفي تسمية القرآن بالذكر وجوه أحدها : أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم ، وثانيها : أنه يذكر فيه أنواع آلاء الله ونعمائه ، وفيه التذكير والموعظة ، وثالثها : فيه الذكر والشرف لك ولقومك كما قال الله تعالى : { وإنه لذكر لك ولقومك } [ الزخرف ، 44 ] وسمى الله تعالى كل كتاب أنزله ذكراً فقال : { فاسألوا أهل الذكر } [ النحل ، 43 ] ، والتنكير فيه للتعظيم ، فإنه مشتمل على أسرار كتب الله تعالى المنزلة .