مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَّيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ مَسۡكُونَةٖ فِيهَا مَتَٰعٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ} (29)

ولما ذكر الله تعالى حكم الدور المسكونة ذكر بعده حكم الدور التي هي غير مسكونة ، فقال : { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة } وذلك لأن المانع من الدخول إلا بإذن زائل عنها واختلف المفسرون في المراد من قوله : { بيوتا غير مسكونة } على أقوال . أحدها : وهو قول محمد بن الحنفية أنها الخانات والرباطات وحوانيت البياعين والمتاع المنفعة ، كالاستكنان من الحر والبرد ، وإيواء الرحال والسلع والشراء والبيع ، يروى أن أبا بكر قال يا رسول الله إن الله قد أنزل عليك آية في الاستئذان وإنا نختلف في تجارتنا فننزل هذه الخانات ، أفلا ندخلها إلا بإذن ؟ فنزلت هذه الآية . وثانيها : أنها الخربات يتبرز فيها والمتاع التبرز . وثالثها : الأسواق ورابعها : أنها الحمامات ، والأولى أن يقال إنه لا يمتنع دخول الجميع تحت الآية فيحمل على الكل ، والعلة في ذلك أنها إذا كانت كذلك فهي مأذون بدخولها من جهة العرف ، فكذلك نقول إنها لو كانت غير مسكونة ولكنها كانت مغصوبة ، فإنه لا يجوز للداخل أن يدخل فيها لكن الظاهر من حال الخانات أنها موضوعة لدخول الداخل .

وأما قوله : { والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } فهو وعيد للذين يدخلون الخربات والدور الخالية من أهل الريبة .