اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَّيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ مَسۡكُونَةٖ فِيهَا مَتَٰعٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ} (29)

قال المفسرون : لما نزلت آية الاستئذان قالوا : كيف بالبيوت التي بين مكة والمدينة والشام وعلى ظهر الطريق ليس فيها ساكن ؟ فأنزل الله عزَّ وجلَّ { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ } . أي : بغير استئذان { فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ } أي : منفعة لكم{[34454]} .

قال محمد ابن الحنفية{[34455]} : إنها الخانات{[34456]} والرباطات{[34457]} وحوانيت{[34458]} البياعين{[34459]} .

وقال ابن زيد : هي بيوت التجار وحوانيتهم التي بالأسواق يدخلها للبيع والشراء ، وهو المنفعة{[34460]} قال إبراهيم النخعي : ليس على حوانيت السوق إذن{[34461]} .

وكان ابن سيرين{[34462]} إذا جاء إلى حانوت السوق يقول : السلام عليكم ، أأدخل ؟ ثم يلج{[34463]} .

وقال عطاء : هي البيوت الخربة ، و«المَتَاعُ » هو قضاء الحاجة فيها من البول والغائط{[34464]} . وقيل : هي جميع البيوت التي لا ساكن لها{[34465]} .

وقيل : هي الحمامات{[34466]} .

وروي أن أبا بكر قال : يا رسولَ الله ، إن الله قد أنزلَ عليكَ آيةً في الاستئذان ، وإنا نختلف في تجارتنا فننزل هذه الخانات ، أفلا ندخلها إلا بإذن ؟ فنزلت هذه الآية{[34467]} .

والأصح أنه لا يمتنع دخول الجميع تحت الآية ، لأن الاستئذان إنما جاء لئلا يطلع على عورة ، فإن لم يخف ذلك فله الدخول ، لأنه مأذون فيها عرفاً .

{ والله يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } وهذا وعيد للذين يدخلون الخربات والدور الخالية من أهل الريبة{[34468]} .


[34454]:انظر البغوي 6/94.
[34455]:تقدم.
[34456]:الخانات جمع خان، وهو الحانوت، وقيل الخان الذي للتجار. فارسي معرب. اللسان (خون).
[34457]:الرباطات جمع رباط، وهي المبنية. اللسان (ربط).
[34458]:حوانيت: جمع حانوت، وهي البيوت. اللسان (حنت).
[34459]:انظر الفخر الرازي 23/201.
[34460]:انظر البغوي 6/94.
[34461]:انظر البغوي 6/95.
[34462]:تقدم.
[34463]:انظر البغوي 6/95.
[34464]:المرجع السابق.
[34465]:المرجع السابق.
[34466]:انظر الفخر الرازي 23/201.
[34467]:المرجع السابق.
[34468]:المرجع السابق.