البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَّيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ مَسۡكُونَةٖ فِيهَا مَتَٰعٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ} (29)

{ ليس عليكم جناح } قال الزمخشري : استثنى من البيوت التي يجب الاستئذان على داخلها ما ليس بمسكون منها نحو الفنادق وهي الخانات والربط وحوانيت البياعين ، والمتاع المنفعة كالاستكنان من الحر والبرد وإيواء الرحال والسلع والشراء والبيع انتهى .

وما ذكره الزمخشري من أنه استثناء من البيوت كما ذكر هو مروي عن ابن عباس وعكرمة والحسن ، ولا يظهر أنه استثناء لأن الآية الأولى في البيوت المسكونة والمملوكة ، ولذلك قال { بيوتاً غير بيوتكم } وهذا الآية الثانية هي في البيوت المباحة ، وقد مثل العلماء لهذه البيوت أمثلة .

فقال محمد بن الحنفية وقتادة ومجاهد : هي في الفنادق التي في طرق المسافرين .

قال مجاهد : لا يسكنها أحد بل هي موقوفة يأوي إليها كل ابن سبيل .

و { فيها متاع } لهم أي استمتاع بمنفعتها ، ومثل عطاء بالخرب التي تدخل للتبرز .

وقال ابن زيد والشعبي : هي حوانيت القيسارية والسوق .

قال ابن الحنيفة أيضاً : هي دور مكة ، وهذا لا يسوغ إلا على القول بأن دور مكة غير مملوكة ، وأن الناس فيها شركاء وأن مكة فتحت عنوة .

{ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } وعيد للذين يدخلون البيوت غير المسكونة من أهل الريب .