فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ مَسۡكُونَةٖ فِيهَا مَتَٰعٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ} (29)

{ لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } في الدخول بغير استئذان { أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ } أي البيوت التي ليست بموضوعة لسكنى طائفة مخصوصة ، بل كانت موضوعة ليدخلها كل من له حاجة تقصد منها ، وقد اختلف الناس في المراد بهذه البيوت فقال محمد بن الحنفية وقتادة ومجاهد هي الفنادق التي في الطرق السابلة الموضوعة لابن السبيل ، يأوي إليها .

وقال ابن زيد ، والشعبي : هي حوانيت القيساريات وبيوت التجار ، وحوانيتهم في الأسواق والربط ، قال الشعبي : لأنه جاءوا بيوعهم فجعلوها فيها ، وقالوا للناس : هلم وقال عطاء : المراد بها الخرب التي يدخلها الناس للبول والغائط ففي هذا أيضا متاع ، وقيل هي بيوت مكة ، روي ذلك عن محمد بن الحنفية أيضا ، وهو موافق لقول من قال : إن الناس شركاء فيها ولكن قد قيد سبحانه هذه البيوت المذكورة هنا بأنها غير مسكونة .

{ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ } المتاع : المنفعة عند أهل اللغة فيكون معنى الآية فيها منفعة لكم ، كاستكنان من الحر ، والبرد ، وإيواء الرجال : والسلع ، والشراء ، والبيع ، ومنه قوله : ومتعوهن . وقولهم : أمتع الله بك ، وقد فسر الشعبي المتاع في كلامه المتقدم بالأعيان التي تباع ، قال جابر ابن زيد : وليس المراد بالمتاع الجهاز ، ولكن ما سواه من الحاجة . قال النحاس : وهو حسن موافق للغة .

{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } أي ما تظهرون ، وما تخفون ، وفيه وعيد لمن يتأدب بآداب الله في دخول بيوت الغير ، ويدخل الخربات ، والدور الخالية من أهل الريبة ،