قوله تعالى : { وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } .
اعلم أنه سبحانه لما بين مبالغة المشركين في إنكار نبوته وفي إيراد الشبهات في ذلك ، بين بعد ذلك أنهم إدا رأوا الرسول اتخذوه هزوا فلم يقتصروا على ترك الإيمان به بل زادوا عليه بالاستهزاء والاستحقار ، ويقول بعضهم لبعض { أهذا الذي بعث الله رسولا } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال صاحب الكشاف ( إن ) الأولى نافية والثانية مخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بينهما .
المسألة الثانية : جواب ( إذا ) هو ما أضمر من القول يعني وإذا رأوك مستهزئين قالوا أبعث الله هذا رسولا ، وقوله : { إن يتخذونك } جملة اعترضت بين ( إذا ) وجوابها .
المسألة الثالثة : اتخذوه هزوا في معنى استهزؤوا به ، والأصل اتخذوه موضع هزء أو مهزوءا به .
المسألة الرابعة : اعلم أن الله تعالى أخبر عن المشركين أنهم متى رأوا الرسول أتوا بنوعين من الأفعال أحدهما أنهم يستهزئون به ، وفسر ذلك الاستهزاء بقوله : { أهذا الذي بعث الله رسولا } وذلك جهل عظيم ، لأن الاستهزاء إما أن يقع بصورته أو بصفته . أما الأول فباطل لأنه عليه الصلاة والسلام كان أحسن منهم صورة وخلقة ، وبتقدير أنه لم يكن كذلك ، لكنه عليه السلام ما كان يدعي التمييز عنهم بالصورة بل بالحجة . وأما الثاني فباطل ، لأنه عليه السلام ادعى التميز عنهم في ظهور المعجز عليه دونهم ، وأنهم ما قدروا على القدح في حجته ودلالته ، ففي الحقيقة هم الذين يستحقون أن يهزأ بهم ، ثم إنهم لوقاحتهم قلبوا القضية واستهزؤوا بالرسول عليه السلام ، وذلك يدل على أنه ليس للمبطل في كل الأوقات إلا السفاهة والوقاحة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.