البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذَا رَأَوۡكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولًا} (41)

{ وإذا رأوك أن يتخذونك إلاّ هزوا } لم يقتصر المشركون على إنكار نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام وترك الإيمان به ، بل زادوا على ذلك بالاستهزاء والاحتقار .

حتى يقول بعضهم لبعض { أهذا الذي بعث الله رسولاً } و { أن } نافية جواب { إذا } وانفردت { إذا } بأنه إذا كان جوابها منفياً بما أو بلا لا تدخله الفاء بخلاف أدوات الشرط غيرها فلا بد من الفاء مع ما ومع لا إذا ارتفع المضارع ، فلو وقعت إن النافية في جواب غير إذا فلا بد من الفاء كما النافية ومعنى { هزؤاً } موضع هزء أو مهزواً به { أهذا } قبله قول محذوف أي يقولون وقال : جواب { إذا } ما أضمر من القول أي { وإذا رأوك } قالوا { أهذا الذي بعث الله رسولاً } و { أن يتخذونك } جملة اعتراضية بين { إذا } وجوابها .

قيل : ونزلت في أبي جهل كان إذا رأى الرسول عليه الصلاة والسلام قال : { أهذا الذي بعث الله رسولاً } ؟ وأخبر بلفظ الجمع تعظيماً لقبح صنعه أو لكون جماعة معه قالوا ذلك : والظاهر أن قائل ذلك جماعة كثيرة وهذا الاستفهام استصغار واحتقار منهم أخرجوه بقولهم بعث الله رسولاً في معرض التسليم والإقرار وهم على غاية الجحود والإنكار سخرية واستهزاء ، ولو لم يستهزئوا لقالوا هذا زعم أو ادعى أنه مبعوث من عند الله رسولاً .