مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَفَلَمۡ تَكُنۡ ءَايَٰتِي تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ وَكُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (31)

ثم قال تعالى : { وأما الذين كفروا أفلم تكن ءاياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين } وفيه مسائل :

المسألة الأولى : ذكر الله المؤمنين والكافرين ولم يذكر قسما ثالثا وهذا يدل على أن مذهب المعتزلة إثبات المنزلتين باطل .

المسألة الثانية : أنه تعالى علل أن استحقاق العقوبة بأن آياته تليت عليهم فاستكبروا عن قبولها ، وهذا يدل على استحقاق العقوبة لا يحصل إلا بعد مجيء الشرع ، وذلك يدل على أن الواجبات لا تجب إلا بالشرع ، خلافا لما يقوله المعتزلة من أن بعض الواجبات قد يجب بالعقل .

المسألة الثالثة : جواب { أما } محذوف والتقدير : وأما الذين كفروا فيقال لهم : أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم عن قبول الحق وكنتم قوما مجرمين فإن قالوا كيف يحسن وصف الكافر بكونه مجرما في معرض الطعن فيه والذم له ؟ قلنا معناه أنهم مع كونهم كفارا ما كانوا عدولا في أديان أنفسهم ، بل كانوا فساقا في ذلك الدين ، والله أعلم .