مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱلسَّاعَةُ لَا رَيۡبَ فِيهَا قُلۡتُم مَّا نَدۡرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُسۡتَيۡقِنِينَ} (32)

قوله تعالى : { وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون * وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين * ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون * فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين * وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم } .

فيه مسائل :

المسألة الأولى : قرئ والساعة رفعا ونصبا قال الزجاج من نصب عطف على الوعد ومن رفع فعلى معنى وقيل : { الساعة لا ريب فيها } قال الأخفش الرفع أجود في المعنى وأكثر في كلام العرب ، إذا جاء بعد خبر إن لأنه كلام مستقل بنفسه بعد مجيء الكلام الأول بتمامه .

المسألة الثانية : حكى الله تعالى عن الكفار أنهم إذا قيل إن وعد الله بالثواب والعقاب حق وإن الساعة آتية لا ريب فيها قالوا { ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين } .

أقول الأغلب على الظن أن القوم كانوا في هذه المسألة على قولين منهم من كان قاطعا بنفي البعث والقيامة ، وهم الذين ذكرهم الله في الآية المتقدمة بقوله { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا } ومنهم من كان شاكا متحيرا فيه ، لأنهم لكثرة ما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكثرة ما سمعوه من دلائل القول بصحته صاروا شاكين فيه وهم الذين أرادهم الله بهذه الآية ، والذي يدل عليه أنه تعالى حكى مذهب أولئك القاطعين ، ثم أتبعه بحكاية قول هؤلاء فوجب كون هؤلاء مغايرين للفريق الأول .