أما قوله : { فلما نسوا ما ذكروا به } يعني : أنهم لما تركوا ما ذكرهم به الصالحون ترك الناسي لما ينساه ، أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الظالمين المقدمين على فعل المعصية .
واعلم أن لفظ الآية يدل على أن الفرقة المتعدية هلكت ، والفرقة الناهية عن المنكر نجت . أما الذين قالوا : { لم تعظون } فقد اختلف المفسرون في أنهم من أي الفريقين كانوا ؟ فنقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه توقف فيه . ونقل عنه أيضا : هلكت الفرقتان ونجت الناهية ، وكان ابن عباس إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : إن هؤلاء الذين سكتوا عن النهي عن المنكر هلكوا ، ونحن نرى أشياء ننكرها ، ثم نسكت ولا نقول شيئا . قال الحسن : الفرقة الساكتة ناجية ، فعلى هذا نجت فرقتان وهلكت الثالثة . واحتجوا عليه بأنهم لما قالوا : { لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم } دل ذلك على أنهم كانوا منكرين عليهم أشد الإنكار ، وأنهم إنما تركوا وعظهم لأنه غلب على ظنهم أنهم لا يلتفتون إلى ذلك الوعظ ولا ينتفعون به .
فإن قيل : إن ترك الوعظ معصية ، والنهي عنه أيضا معصية ، فوجب دخول هؤلاء التاركين للوعظ الناهين عنه تحت قوله : { وأخذنا الذين ظلموا } .
قلنا : هذا غير لازم ، لأن النهي عن المنكر إنما يجب على الكفاية . فإذا قام به البعض سقط عن الباقين ، ثم ذكر أنه تعالى أخذهم بعذاب بئيس ، والظاهر أن هذا العذاب غير المسخ المتأخر ذكره . وقوله : { بعذاب بئيس } أي شديد وفي هذه اللفظة قراآت : أحدها : { بئيس } بوزن فعيل . قال أبو علي : وفيه وجهان : الأول : أن يكون فعيلا من بؤس يبؤس بأسا إذا اشتد . والآخر : ما قاله أبو زيد ، وهو أنه من البؤس وهو الفقر يقال بئس الرجل يبأس بؤسا وبأسا وبئيسا إذا افتقر فهو بائس ، أي فقير . فقوله : { بعذاب بئيس } أي ذي بؤس . والقراءة الثانية ( بئس ) بوزن حذر . والثالثة : ( بيس ) على قلب الهمزة ياء ، كالذيب في ذئب ، والرابعة : ( بيئس ) على فيعل . والخامسة : ( بيس ) كوزن ريس على قلب همزة بئيس ياء وإدغام الياء فيها . والسادسة : ( بيس ) على تخفيف بيس كهين في هين ، وهذه القراآت نقلها صاحب «الكشاف » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.