الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦٓ أَنجَيۡنَا ٱلَّذِينَ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوٓءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابِۭ بَـِٔيسِۭ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ} (165)

قال الله ( عز وجل{[25803]} ) { أنجينا الذين ينهون عن السوء }[ 165 ] .

وروي عنه أنه قال : نجا الناهون ، وهلك الفاعلون ، وما أدري ما فعل بالساكتين{[25804]} .

وقال الكلبي هم فرقتان : فرقة وعظت ، وفرقة قالت : { لم تعظون } ، وهي{[25805]} الموعوظة{[25806]} .

وذلك أن الخاطئة لما كثر عليها الوعظ ، قالت للواعظين : { لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم{[25807]} } على قولكم{[25808]} . وقد مضى من ذكر هذا في البقرة جملة{[25809]} .

وقال الكلبي : كانوا فرقتين : قالت الصالحة للطالحة : يا قوم ، انتهكتم حرمة سبتكم ، وعصيتم ربكم ، وخالفتم سنة نبيكم ، فانتهوا عن هذا العمل قبل أن ينزل بكم العذاب . قالت الطالحة : فلم تعظوننا إذا كنتم علمتم أن الله ( عز وجل{[25810]} ) ، مهلكنا ، وإن أطعتمونا لتفعلن كالذين فعلنا ، فقد فعلناه منذ سنين ، فما زادنا الله بذلك{[25811]} إلا خيرا . قالت الصالحة : ويلكم ، لا تغتروا{[25812]} ، [ ولا{[25813]} ] تأمنوا بأس{[25814]} الله ، ( سبحانه ){[25815]} ، فكأنه نزل بكم ، قالت لهم الطالحة : ف{ لم تعظون قوما الله مهلكهم } الآية{[25816]} .

فهم فرقتان على قول الكلبي . وثلاث فرق على قول أكثر المفسرين{[25817]} .

قوله : { فلما نسوا ما ذكروا{[25818]} } ، إلى قوله : { وإنه{[25819]} لغفور رحيم }[ 165-167 ] .

والمعنى : فلما تركت الطائفة التي نهيت عن السوء ، ما أمرها الله ( عز وجل ){[25820]} به من ترك الاعتداء{[25821]} .

وقيل : نسوا موعظة من وعظهم من المؤمنين{[25822]} ، { أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بيس }[ 165 ] ، أي : وجيع{[25823]} أليم . قاله ابن عباس{[25824]} .

وقيل : ( بيس } : رديء{[25825]} .

وقال{[25826]} مجاهد { بعذاب بيس }{[25827]} : أليم شديد{[25828]} .

وقال قتادة { بعذاب{[25829]}بيس } : موجع{[25830]} .

وقال ابن زيد { بيس } : شديد{[25831]} .


[25803]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[25804]:جامع البيان 3/194.
[25805]:في "ر": الموعظة، وهو تحريف.
[25806]:تفسير عبد الرزاق الصنعاني 2/239، وجامع البيان 13/195.
[25807]:في "ج" زيادة: {عذابا شديدا}.
[25808]:في الأصل: على قومكم، وهو تحريف.
[25809]:انظر الهداية، تفسير سورة البقرة آية:64.
[25810]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[25811]:في "ج": فما زاد الله به إلا خيرا.
[25812]:في الأصل: لا تعتدروا، وهو تحريف.
[25813]:زيادة من "ج"، ومصدر التوثيق أسفله، هامش 7.
[25814]:في الأصل: بأمر، وهو تحريف.
[25815]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[25816]:تفسير هود بن محكم الهواري 2/54، باختصار وتصرف.
[25817]:انظر: معاني القرآن للزجاج 2/386، والمحرر الوجيز 2/468، وزاد المسير 3/277، وتفسير القرطبي 7/195، والبحر المحيط 4/409، وتفسير ابن كثير 2/257.
[25818]:في "ج"، زيادة {به أنجينا الذين ينهون عن السوء}. وفي "ر"، زيادة {به}.
[25819]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[25820]:انظر: المصدر السابق.
[25821]:هاهنا إيجاز يوضح بما في جامع البيان 13/199، الذي نقل عنه مكي.
[25822]:وهو قول ابن جريج في تفسير عبد الرزاق الصنعاني 2/240، وجامع البيان 13/199، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1601.
[25823]:وجيع، تحرفت في الأصل إلى: وجميع.
[25824]:تفسير عبد الرزاق الصنعاني 2/242، وجامع البيان 13/202، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1602، بتقديم: "أليم" على "وجيع".
[25825]:وهو قول الأخفش في تفسير الماوردي 2/272.
[25826]:في "ج": قال.
[25827]:في "ج": أي: أليم...
[25828]:التفسير 345، وجامع البيان 13/202، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1602، والدر المنثور 3/591.
[25829]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[25830]:جامع البيان 13/202، وتفسير ابن كثير 2/259، والدر المنثور 3/591.
[25831]:جامع البيان 13/202. وأورده في تفسير مشكل الغريب 176، من غير عزو. وهو من غير عزو أيضا في مجاز القرآن 1/231، وغريب ابن قتيبة 174. وفي {بيس}: قراءات متواترة وشاذة، انظرها في: الكشف 1/481، وإعراب القرآن للنحاس 2/158، 159، والمحتسب 1/264.