{ يا معشر الجن والإنس } هما الثقلان خوطبا باسم جنسيهما لزيادة التقرير ولأن الجن مشهورون بالقدرة على الأفاعيل الشاقة بما ينبئ عن ذلك لبيان أن قدرتهم لا تفي بما كلفوه وكأنه لما ذكر سبحانه أنه مجاز للعباد لا محالة عقب عز وجل ذلك ببيان أنهم لا يقدرون على الخلاص من جزائه وعقابه إذا أراده فقال سبحانه : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس } { إِنِ استطعتم } إن قدرتم ، وأصل الاستطاعة طلب طواعية الفعل وتأتيه .
{ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أقطار السموات والارض } أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من الله تعالى فارين من قضائه سبحانه : { فانفذوا } فاخرجوا منها وخلصوا أنفسكم من عقابه عز وجل ، والأمر للتعجيز { لاَ تَنفُذُونَ } لا تقدرون على النفوذ { إِلاَّ بسلطان } أي بقوة وقهر وأنتم عن ذلك بمعزل وألف ألف منزل ، روى أن الملائكة عليهم السلام ينزلون يوم القيامة فيحيطون بجميع الخلائق فإذا رآهم الجن والإنس هربوا فلا يأتون وجهاً إلا وجدوا الملائكة أحاطت به ، وقيل : هذا أمر يكون في الدنيا ، قال الضحاك : بينما الناس في أسواقهم انفتحت السماء ونزلت الملائكة فتهرب الجن والإنس فتحدق بهم الملائكة وذلك قبيل قيام الساعة ، وقيل : المراد إن استطعتم الفرار من الموت ففروا ، وقيل : المعنى إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا بما في السموات والأرض فانفذوا لتعلموا لكن { لاَ تَنفُذُونَ } ولا تعلمون إلا ببينة وحجة نصبها الله تعالى فتعرجون عليها بأفكاركم ، وروى ما يقاربه عن ابن عباس والأنسب بالمقام لا يخفى .
وقرأ زيد بن علي إن استطعتما رعاية للنوعين وإن كان تحت كل أفراد كثيرة والجمع لرعاية تلك الكثرة وقد جاء كل في الفصيح نحو قوله تعالى : { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } [ الحجرات : 9 ] .
قوله : { يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا } تنفذوا ، تخلصوا أو تخرجوا{[4425]} . والمعنى : إذا قدرتم أيها الجن والإنس أن تفروا من سلطان الله وهيمنته أو تخرجوا من أطراف خلقه من السماوات والأرض هربا من قضاء الله وقدرته { لاتنفذون إلا بسلطان } أي لا تستطيعون أن تخرجوا أو تفروا هربا من ملكوت الله { إلا بسلطان } أي بقدرة أو قوة أو برهان أو بينة من الله تمكنكم من النفوذ في أقطار السماوات والأرض . وإنما ذلك كائن بأمر الله وإرادته وتمكينه إياكم من ضرب من ضروب النفوذ في محيط هذا الكون .
وقيل : يقال لهم هذا يوم القيامة حين تحدق بهم الملائكة فإذا رآهم الجن والإنس هربوا فلا يأتون جهة من الجهات إلا وجدوا الملائكة قد أحاطت به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.