روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

{ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين أما الخبر وتقديره خير لهم أو أمثل ، وهو قول مجاهد ومذهب سيبويه . والخليل ، وأما المبتدأ وتقديره الأمر أو أمرنا طاعة أي الأمر المرضي لله تعالى طاعة ، وقيل : أي أمرهم طاعة معروفة وقول معروف أي معلوم حال أنه خديعة ، وقيل : هو حكاية قولهم قبل الأمر بالجهاد أي قالوا أمرنا طاعة ويشهد له قراءة أبي { يَقُولُونَ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } وذهب بعض إلى أن { أُوْلِى } [ محمد : 20 ] أفعل تفضيل مبتدأ و { لَهُمْ } صلته واللام بمعنى الباء { وطاعة } خبر كأنه قيل فأولى بهم من النظر إليك نظر المغشي عليه من الموت طاعة وقول معروف ، وعليه لا يكون كلاماً مستقلاً ولا يوقف على { عَرَّفَهَا لَهُمْ } ومما لا ينبغي أن يلتفت إليه ما قيل : إن { طَاعَةٌ } صفة لسورة في قوله تعالى : { فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ } [ محمد : 20 ] والمراد ذات طاعة أو مطاعة . وتعقبه أبو حيان بأنه ليس بشيء لحيلولة الفصل الكثير بين الصفة والموصوف { فَإِذَا عَزَمَ الامر } أي جد والجد أي الاجتهاد لأصحاب الأمر إلا أنه أسند إليه مجازاً كما في قوله تعالى : { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الامور } [ لقمان : 17 ] ومنه قول الشاعر :

قد جدت الحرب بكم فجدوا *** والظاهر أن جواب { إِذَا } قوله تعالى : { فَلَوْ صَدَقُواْ الله } وهو العامل فيها ولا يضر اقترانه بالفاء ولا تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها في مثله كما صرحوا به ، وهذا نحو إذا جاء الشتاء فلو جئتني لكسوتك ، وقيل : الجواب محذوف تقديره فإذا عزم الأمر كرهوا أو نحو ذلك قاله قتادة . وفي «البحر » من حمل { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } على أنهم يقولون ذلك خديعة قدر فإذا عزم الأمر ناقضوا وتعاصوا ، ولعل من يجعل القول السابق للمؤمنين في ظاهر الحال وهم المنافقون جوز هذا التقدير أيضاً ، وقدر بعضهم الجواب فاصدق وهو كما ترى ، وأياً ما كان فالمراد فلو صدقوا الله فيما زعموا من الحرص على الجهاد ولعلهم أظهروا الحرص عليه كالمؤمنين الصادقين ، وقيل : في قولهم : { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } ، وقيل : في إيمانهم { لَكَانَ } أي الصدق { خَيْراً لَّهُمْ } مما ارتكبوه وهذا مبني على ما في زعمهم من أن فيه خيراً وإلا فهو في نفس الأمر لا خير فيه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

ثم قال : { طاعة وقول معروف } وهذا ابتداء محذوف الخبر ، تقديره : طاعة ، وقول معروف أمثل ، أي لو أطاعوا وقالوا قولاً معروفاً كان أمثل وأحسن . وقال : مجازه : يقول هؤلاء المنافقون قبل نزول السورة المحكمة : { طاعة } ، رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة أو منا طاعة ، { وقول معروف } : حسن . وقيل : هو متصل بما قبله ، واللام في قولهم ، بمعنى الباء مجازه فأولى بهم طاعة الله ورسوله ، وقول معروف بالإجابة ، أي لو أطاعوا كانت الطاعة والإجابة أولى بهم ، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء . { فإذا عزم الأمر } أي : جد الأمر ولزم فرض القتال وصار الأمر معزوماً ، { فلو صدقوا الله } في إظهار الإيمان والطاعة ، { لكان خيراً لهم } وقيل : جواب إذا محذوف تقديره فإذا عزم الأمر نكلوا وكذبوا فيما وعدوا ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم .