إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

{ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ معْرُوفٌ } كلامٌ مستأنفٌ أي أمرُهم طاعةٌ الخ . أو طاعةٌ وقولٌ معروفٌ خيرٌ لهم ، أو حكايةٌ لقولِهم ، ويؤيدُه قراءةُ أُبي : يقولونَ طاعةٌ وقولٌ معروفٌ أي أمرُنا ذلكَ { فَإِذَا عَزَمَ الأمر } أَسندَ العزمَ وهو الجِدُّ إلى الأمرِ وهو لأصحابِه مجازاً كما في قولِه تعالى : { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور } [ سورة لقمان ، الآية 17 ] . وعاملُ الظرفِ محذوفٌ أي خالَفُوا وتخلَّفُوا وقيلَ ناقضُوا وقيل كرِهُوا وقيلَ هُو قولُه تعالى :

{ فَلَوْ صَدَقُوا الله } على طريقةِ قولِك إذا حضرني طعامٌ فلو جئتني لأطعمتُكَ أي فلو صدقُوه تعالى فيما قالُوا من الكلامِ المنبئ عن الحرصِ على الجهادِ بالجري على موجبهِ . { لَكَانَ } أي الصدقُ { خَيْراً لَّهُمْ } وفيه دلالةٌ على اشتراكِ الكلِّ فيما حُكِيَ عنهم من قولِه تعالى : { لَوْلاَ نُزّلَتْ سُورَةٌ } [ سورة محمد ، الآية 20 ] وقيل : فلو صدقُوه في الإيمانِ وواطأتْ قلوبُهم في ذلك ألسنتَهُم ، وأيَّاً ما كان فالمرادُ بهم الذين في قلوبِهم مرضٌ وهم المخاطبون بقولِه تعالى : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ } الخ .