البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

والأكثرون على أن : { طاعة وقول معروف } كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين ، إما الخبر وتقديره : أمثل ، وهو قول مجاهد ومذهب سيبويه والخليل ؛ وإما المبتدأ وتقديره : الأمر أو أمرنا طاعة ، أي الأمر المرضي لله طاعة .

وقيل : هي حكاية قولهم ، أي قالوا طاعة ، ويشهد له قراءة أبيّ يقولون : { طاعة وقول معروف } ، وقولهم هذا على سبيل الهزء والخديعة .

وقال قتادة : الواقف على : { فأولى لهم طاعة } ابتداء وخبر ، والمعنى : أن ذلك منهم على جهة الخديعة .

وقيل : طاعة صفة لسورة ، أي فهي طاعة ، أي مطاعة .

وهذا القول ليس بشيء لحيلولة الفصل لكثير بين الصفة والموصوف .

{ فإذا عزم الأمر } : أي جد ، والعزم : الجد ، وهو لأصحاب الأمر .

واستعير للأمر ، كما قال تعالى : { لمن عزم الأمر } وقال الشاعر :

قد جدت بهم الحرب فجدوا . . .

والظاهر أن جواب إذاً قوله : { فلو صدقوا الله } ، كما تقول : إذا كان الشتاء ، فلو جئتني لكسوتك .

وقيل : الجواب محذوف تقديره : فإذا عزم الأمر هو أو نحوه ، قاله قتادة .

ومن حمل { طاعة وقول معروف } ، على أنهم يقولون ذلك خديعة قدّرناه { عزم الأمر } ، فاقفوا وتقاضوا ، وقدره أبو البقاء فأصدّق ، { فلو صدقوا الله } فيما زعموا من حرصهم على الجهاد ، أو في إيمانهم ، وواطأت قلوبهم فيه ألسنتهم ، أو في قلوبهم { طاعة وقول معروف } .