فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَطَّلَعَ ٱلۡغَيۡبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (78)

ثم أجاب سبحانه عن قول هذا الكافر بما يدفعه ويبطله ، فقال : { أَطَّلَعَ } على { الغيب } أي أعلم ما غاب عنه حتى يعلم أنه في الجنة { أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } بذلك ، فإنه لا يتوصل إلى العلم إلا بإحدى هاتين الطريقتين وقيل : المعنى : أنظر في اللوح المحفوظ ؟ أم اتخذ عند الرحمن عهداً ؛ وقيل : معنى { أم اتخذ عند الرحمن عهداً } أم قال : لا إله إلا الله فأرحمه بها . وقيل : المعنى أم قدّم عملاً صالحاً فهو يرجوه . واطلع مأخوذ من قولهم : اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه . وقرأ حمزة والكسائي ويحيى بن وثاب والأعمش : «وولداً » بضم الواو ، والباقون بفتحها ، فقيل : هما لغتان معناهما واحد ، يقال : ولد وولد كما يقال : عدم وعُدم ، قال الحارث بن حلزّة :

ولقد رأيت معاشرا *** قد ثمروا مالاً وولداً

وقال آخر :

فليت فلاناً كان في بطن أمه *** وليت فلاناً كان ولد حمار

وقيل : الولد بالضم للجمع وبالفتح للواحد . وقد ذهب الجمهور إلى أن هذا الكافر أراد بقوله : { لأوتينّ مالاً وولداً } أنه يؤتى ذلك في الدنيا . وقال جماعة : في الجنة ، وقيل : المعنى : إن أقمت على دين آبائي لأوتين . وقيل : المعنى : لو كنت على باطل لما أوتيت مالاً وولداً .

/خ80