السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَطَّلَعَ ٱلۡغَيۡبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (78)

ولما كان ما ادعاه لا علم به إلا بأحد أمرين لا علم له بواحد منهما أنكر قوله ذلك بقوله تعالى : { أطلع الغيب } الذي هو غائب عن كل مخلوق فهو في بعد عن الخلق كالعالي الذي لا يمكن أحداً منهم الاطلاع إليه وتفرد به الواحد القهار { أم اتخذ } أي : بغاية جهده { عند الرحمن عهداً } عاهده عليه بأن يؤتيه ما ذكر بطاعة فعلها على وجهها ليقف سبحانه فيه عند قوله وقيل في العهد كلمة الشهادة ، وعن قتادة هل له عمل صالح قدمه فهو يرجو بذلك ما يقول ، وعن الكلبي هل عهد الله إليه أن يؤتيه ذلك وعن الحسن رحمه الله تعالى نزلت في الوليد بن المغيرة والمشهور أنها في العاص بن وائل قال خباب بن الأرت كان لي عليه دين فاقتضيته فقال : لا والله حتى تكفر بمحمد فقلت : لا والله لا أكفر بمحمد حياً ولا ميتاً ولا حين تبعث قال : فإني إذا مت بعثت قلت : نعم قال : إذا بعثت جئني وسيكون لي ثمّ مال وولد فأعطيك وقيل : صاغ له خباب حُلياً فاقتضاه الأجر فقال : إنكم تزعمون أنكم تبعثون وأنّ في الجنة ذهباً وفضة وحريراً فأنا أقضيك ثم فإني أوتي مالاً وولداً فأعطيك حينئذٍ