البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَطَّلَعَ ٱلۡغَيۡبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (78)

وقرئ بكسر الهمزة في الابتداء وحذفها في الوصل على تقدير حذف همزة الاستفهام لدلالة { أم } عليها كقوله :

بسبع رمين الجمر أم بثمان . . .

يريد أبسبع ، وجاء التركيب في أرأيت على الوضع الذي ذكره سيبويه من أنها تتعدى لواحد تنصبه ، ويكون الثاني استفهاماً فأطلع وما بعده في موضع المفعول الثاني لأرأيت ، وما جاء من تركيب أرأيت بمعنى أخبرني على خلاف هذا في الظاهر ينبغي أن يرد إلى هذا بالتأويل .

قال الزمخشري : { أطلع الغيب } من قولهم : أطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه واطلع الثنية .

قال جرير :

لاقيت مطلع الجبال وعوراً . . .

وتقول : مر مطلعاً لذلك الأمر أي عالياً له مالكاً له ، ولاختيار هذه الكلمة شأن تقول : أو قد بلغ من عظمة شأنه أن ارتقى إلى علم الغيب الذي توحد به الواحد القهار ، والمعنى أن ما ادعى أن يؤتاه وتألى عليه لا يتوصل إليه إلاّ بأحد هذين الطريقين ، إما علم الغيب ، وإما عهد من عالم الغيب فبأيهما توصل إلى ذلك .

والعهد .

قيل كلمة الشهادة .

وقال قتادة : هل له عمل صالح قدمه فهو يرجو بذلك ما يقول .

وعن الكلبي : هل عهد الله إليه أن يؤتيه ذلك .