فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ} (129)

{ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ } هي الأبنية التي يتخذها الناس منازل ، قال أبو عبيدة كل بناء مصنعة وبه قال الكلبي وغيره . وقيل هي الحصون المشيدة قاله مجاهد وغيره ، وقال الزجاج إنها مصانع الماء التي تجعل تحت الأرض واحدتها مصنعة ، ومصنع أي حياضا وبركا تجمعون فيها الماء فهي من قبيل الصهاريج . قال الجوهري المصنعة بضم النون الحوض يجمع فيه ماء المطر والمصانع الحصون ، وقال عبد الرزاق المصانع عندنا بلغة اليمن القصور العالية .

{ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } أي راجين أن تخلدوا في الدنيا لإنكاركم البعث ، والتوبيخ حينئذ ظاهر ، أو عاملين عمل من يرجو ذلك ، فلذلك تحكمون بنيانها . قيل إن ( لعل ) هنا للاستفهام التوبيخي ، قاله زيد بن علي ، وبه قال الكوفيون ، أي هل تخلدون ؟ كقولهم لعلك تشتمني ؟ أي هل تشتمني وقال الفراء : كي تخلدون ؟ وبه قرأ عبد الله ، أي لا تتفكرون في الموت . وقيل المعنى كأنكم باقون مخلدون . ف { لعل } معناها التشبيه ، ولم أر من نص على أنها تكون للتشبيه . وقرئ { تخلدون } مخففا ومشددا وحكى النحاس أن في بعض القراآت { كأنكم مخلدون } وبه قال ابن عباس .