روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَ فَلَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (49)

{ قَالَ } فرعون للسحرة { ءامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ } أي بغير أن آذن لكم بالإيمان له كما في قوله تعالى : { قَبْلَ أَن تَنفَدَ كلمات رَبّى } [ الكهف : 109 ] إلا أن الاذن منه ممكن أو متوقع { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذي عَلَّمَكُمُ السحر } فتواطأتم على ما فعلتم فيكون كقوله : { إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ } [ الأعراف : 123 ] الخ أو علمكم شيئاً دون شيء فلذلك غلبكم كما قيل ، ولا يرد عليه أنه لا يتوافق الكلامان حينئذ إذ يجوز أن يكون فرعون قال كلا منهما وإن لم يذكرا معا هنا ، وأراد اللعين بذلك التلبيس على قومه كيلا يعتقدوا أنهم آمنوا عن بصيرة وظهور حق .

وقرأ الكسائي . وحمزة . وأبو بكر . وروح «أآمنتم » بهمزتين { فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وبال ما فعلتم . واللام قيل للابتداء دخلت الخبر لتأكيد مضمون الجملة والمبتدأ محذوف أي فلأنتم سوف تعلمون . وليست للقسم لأنها لا تدخل على المضارع إلا مع النون المؤكدة . وجمعها مع سوف للدلالة على أن العلم كائن لا محالة وأن تأخر لداع ، وقيل : هي للقسم وقاعدة التلازم بينها وبين النون فيما عدا صورة الفصل بينها وبين الفعل بحرف التنفيس وصورة الفصل بينهما بمعمول الفعل كقوله تعالى : { لإِلَى الله تُحْشَرُونَ } [ آل عمران : 158 ] وقال أبو علي : هي اللام التي في لاقو من ونابت سوف عن احدى نوني التأكيد فكأنه قيل : فلتعلمن ، وقوله تعالى حكاية عنه : { لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ وَلأَصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } بيان لمفعول { تَعْلَمُونَ } المحذوف الذي أشرنا إليه وتفصيل لما أجمل ولذا فصل وعطف بالفاء في محل آخر ، وقد مر معنى { مّنْ خلاف } .