اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَ فَلَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (49)

قوله : { قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ } الآيات . لما آمنوا بأجمعهم لم يأمن فرعون أن يقول قومه : إن هؤلاء السحرة على كثرتهم وبصيرتهم لم يؤمنوا إلا عن معرفة بصحة أمر موسى - عليه السلام{[37130]} - فيسلكون{[37131]} طريقهم ، فلبَّس على القوم وبالغ في التنفير عن موسى من وجوه :

أحدها : قوله : { قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ } . والمعنى : إن مسارعتكم إلى الإيمان به دالة على ميلكم إليه فتطرَّق التهمة إليهم فلعلهم قصروا في السحر حياله .

وثانيها : قوله : { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذي عَلَّمَكُمُ السحر } وهذا تصريح بما رمز به{[37132]} أولاً ، وتعريض منه بأنهم فعلوا ذلك عن مواطأة بينهم وبين موسى ، وقصروا في السحر ليظهروا أمر موسى ، وإلا ففي قوة السحرة{[37133]} أن يفعلوا مثل ما فعل ، وهذه شبهة قوية في تنفير من قَبِلَ .

وثالثها : قوله : «فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ » وهو وعيد وتهديد شديد .

ورابعها : قوله : { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِين } وهذا الوعيد المفصل ، وليس في الإهلاك أقوى منه ،


[37130]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[37131]:في ب: ويسلكون.
[37132]:في الأصل: زمزم. وهو تحريف.
[37133]:في النسختين: السحر. والتصويب من الفخر الرازي.