{ وَعَاداً وَثَمُودَ } منصوبان بإضمار فعل ينبئ عنه ما قبله من قوله تعالى : { فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة } [ العنكبوت : 37 ] أي وأهلكنا عاداً وثمود ، وقوله تعالى : { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مّن مساكنهم } عطف على ذلك المضمر أي وقد ظهر لكم أتم ظهور إهلاكنا إياهم من جهة مساكنهم أو بسببها . وذلك بالنظر إليها عند اجتيازكم بها ذهباً إلى الشام وإياباً منه ، وجوز كون { مِنْ } تبعيضية ، وقيل : هما منصوبان بإضمار اذكروا أي واذكروا عاداً وثمود .
/ والمراد ذكر قصتهما أو بإضمار اذكر خطاباً له صلى الله عليه وسلم ، وجملة { قَد تَّبَيَّنَ } حالية ، وقيل : هي بتقدير القول أي وقل : قد تبين ، وجوز أن تكون معطوفة على جملة واقعة في حيز القول أي اذكر عاداً وثمود قائلاً قد مررتم على مساكنهم وقد تبين لكمن الخ ، وفاعل تبين الإهلاك الدال عليه الكلام أو مساكنهم على أن { مِنْ } زائدة في الواجب ، ويؤيده قراءة الأعمش { مساكنهم } بالرفع من غير من ، وكون { مِنْ } هي الفاعل على أنها اسم بمعنى بعض مما لا يخفى حاله .
وقيل : هما منصوبان بالعطف على الضمير في { فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة } [ العنكبوت : 37 ] والمعنى يأباه ، وقال الكسائي : منصوبان بالعطف على الذين من قوله تعالى : { وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ } [ العنكبوت : 3 ] وهو كما ترى ، والزمخشري لم يذكر في ناصبهما سوى ما ذكرناه أولاً وهو الذي ينبغي أن يعول عليه . وقرأ أكثر السبعة { وَثَمُودَاْ } بالتنوين بتأويل الحي ، وهو على قراءة ترك التنوين بتأويل القبيلة ، وقرأ ابن وثاب { وَعَادٌ وَثَمُودُ } بالخفض فيهما والتنوين عطفاً على { مدين } [ العنكبوت : 36 ] على ما في «البحر » أي وأرسلنا إلى عاد وثمود { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان } بوسوسته وإغوائه { أعمالهم } القبيحة من الكفر والمعاصي { فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل } أي الطريق المعهود وهو السوي الموصل إلى الحق ، وحمله على الاستغراق حصراً له في الموصل إلى النجاة تكلف { وَكَانُواْ } أي عاد وثمود لا أهل مكة كما توهم .
{ مُسْتَبْصِرِينَ } أي عقلاء يمكنهم التمييز بين الحق والباطل بالاستدلال والنظر ولكنهم أغفلوا ولم يتدبروا وقيل : عقلاء يعلمون الحق ولكنهم كفروا عناداً وجحوداً ، وقيل : متبينين أن العذاب لاحق بهم بأخبار الرسل عليهم السلام لهم ولكنهم لجوا حتى لقوا ما لقوا .
وعن قتادة . والكلبي . كما في «مجمع البيان » أن المعنى كانوا مستبصرين عند أنفسهم فيما كانوا عليه من الضلالة يحسبون أنهم على هدى . وأخرج ابن المنذر وجماعة عن قتادة أنه قال : أي معجبين بضلالتهم وهو تفسير بحاصل ما ذكر ، وهو مروي كما في «البحر » عن ابن عباس . ومجاهد . والضحاك ، والجملة في موضع الحال بتقدير قد أو بدونها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.