التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَعَادٗا وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَٰكِنِهِمۡۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسۡتَبۡصِرِينَ} (38)

قوله تعالى : { وَعَادًا وَثَمُودَا وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِِِِرِينَ } .

{ عَادًا وَثَمُودَا } ، منصوب من ثلاثة أوجه . الأول : أن يكون معطوفا على الهاء والميم في قوله : { فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ } .

الثاني : أن يكون منصوبا بالعطف على { الذين } في قوله : { ولقد فتناّ الذين من قبلهم } .

الثالث : أن يكون منصوبا بفعل مقدر ، وتقديره : وأهلكنا عادا وثمود{[3563]} وقيل : بفعل تقديره اذكر . فيكون المعنى : واذكروا قوم عاد وقوم ثمود ؛ إذ أرسلنا إليهم هودا وصالحا فكذبوهما فأهلكنا عادا بالريح ، وأهلكنا ثمود بالصيحة { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ } أي تبين لكم من خراب مساكنكم وخوائها منهم ، ما أنزلناه بساحتهم من الهلاك .

قوله : { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } أي سوّل لهم الشيطان بوساوسه الخفية الشريرة كفرهم بالله وتكذيبهم لرسله { فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ } أي أضلهم وردهم عن طريق الله ومنهجه القويم الحكيم ، بتزيينه لهم الكفر والباطل .

قوله : { وَكَانُوا مُسْتَبْصِِِِرِينَ } أي كانوا عقلاء متمكنين من النظر والتفكير . أو كانوا يعرفون الحق من الباطل لوقوفهم على الأدلة والبراهين لكنهم لجوا في الضلالة والتمرد{[3564]} .


[3563]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 244.
[3564]:الكشاف ج 3 ص 206، وتفسير القرطبي ج 13 ص 343، 344.