البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَعَادٗا وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَٰكِنِهِمۡۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسۡتَبۡصِرِينَ} (38)

وانتصب { وعاداً وثموداً } بإضمار أهلكنا ، لدلالة فأخذتهم الرجفة عليه .

وقيل : بالعطف على الضمير في فأخذتهم ، وأبعد الكسائي في عطفه على الذين من قوله : { ولقد فتنا الذين من قبلهم } .

وقرأ : ثمود ، بغير تنوين ؛ حمزة ، وشيبة ، والحسن ، وحفص ، وباقي السبعة : بالتنوين .

وقرأ ابن وثاب : وعاد وثمود ، بالخفض فيهما ، والتنوين عطفاً على مدين ، أي وأرسلنا إلى عاد وثمود .

{ وقد تبين لكم } : أي ذلك ، أي ما وصف لكم من إهلاكهم من جهة مساكنهم ، إذا نظرتم إليها عند مروركم لها ، وكان أهل مكة يمرون عليها في أسفارهم .

وقرأ الأعمش : مساكنهم ، بالرفع من غير من ، فيكون فاعلاً بتبين .

{ وزين لهم الشيطان } : أي بوسوسته وإغوائه ، { أعمالهم } القبيحة .

{ فصدهم عن سبيل الله } ؛ وهي طريق الإيمان بالله ورسله .

{ وكانوا مستبصرين } : أي في كفرهم لهم به بصر وإعجاب قاله ، ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك .

وقيل : عقلاء ، يعلمون أن الرسالة والآيات حق ، ولكنهم كفروا عناداً ، وجحدوا بها ، واستيقنتها أنفسهم .