فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَعَادٗا وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَٰكِنِهِمۡۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسۡتَبۡصِرِينَ} (38)

{ وعادا وثمود } بالصرف وتركه ، بمعنى الحي والقبيلة ، قال الكسائي : قال بعضهم : هو راجع إلى أول السورة أي ولقد فتنا الذين من قبلهم وفتنا عادا وثمود ، قال : وأحب إلي أن يكون معطوفا على : فآخذتهم الرجفة ، أي : وأخذت عادا وثمود ، وقال الزجاج التقدير : وأهلكنا عادا وثمود . وقيل : المعنى اذكر عادا وثمود إذا أرسلنا إليهم هودا وصالحا .

{ وقد تبين } أي : ظهر { لكم } يا معشر الكفار ، ويا أهل مكة { من مساكنهم } أي منازلهم الكائنة بالحجر والأحقاف واليمن آيات بينات تتعظون بها وتتفكرون فيها ، وكانوا يمرون عليها في أسفارهم فيبصرونها .

{ وزين لهم الشيطان أعمالهم } التي يعملونها من الكفر ومعاصي الله { فصدهم } بهذا التزيين { عن السبيل } أي : الطريق الواضح الموصل إلى الحق { وكانوا مستبصرين } بواسطة الرسل ؛ يعني لم يكن لهم في ذلك عذر لأن الرسل أوضحوا السبيل قاله الرازي . وقيل : مستبصرين في الضلالة ، قاله ابن عباس ، أي أهل بصائر يتمكنون بها من معرفة الحق بالاستدلال لكنهم لم يفعلوا . وقال الفراء : كانوا عقلاء ألباء ذوي بصائر في أمور الدنيا ، فلم ينفعهم بصائرهم ، وقيل : المعنى كانوا مستبصرين في كفرهم وضلالتهم معجبين بها ، يحسبون أنهم على هدى ، ويرون أن أمرهم حق ، فوصفهم بالاستبصار على هذا باعتبار ما عند أنفسهم ، أو متبينين أن العذاب لاحق لهم بإخبار الرسل لهم ، ولكنهم لجوا حتى هلكوا .