تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَعَادٗا وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَٰكِنِهِمۡۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسۡتَبۡصِرِينَ} (38)

الآية 38 وقوله تعالى : { وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم } أن الرسل ، صلوات الله عليهم ، قد خوفوا الكفرة بعذاب ينزل بهم في الآخرة بتكذيبهم إياهم وعنادهم ، فلم ينجع ذلك فيهم ، فلم يرتدعوا عما هم فيه حتى أوعدوهم بنزول ما قد شاهدوا( {[15762]} ) ، وعاينوا ، من آثار من قد أهلكهم بتكذيبهم الرسل وردهم إجابتهم ، وهو ما قال { وعادا وثمودا } أي أهلكنا عادا وثمودا { وقد تبين لكم من مساكنهم } ما تعرفون أنهم إنما أهلكوا بالذي أنتم عليه ، وهو التكذيب والرد ، بأخبار تصدقونها وبآثار تشاهدونها ، وهو كما قال { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين } { وبالليل أفلا تعقلون } [ الصافات : 137 و : 138 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل } أي زين لهم الشيطان أعمالهم كما زين لكم ، وصدهم عن السبيل كما صدكم { وكانوا مستبصرين } اختلف فيه :

قال بعضهم أي : كانوا يحسبون أنهم على هدى وحق . وقال بعضهم : { وكانوا مستبصرين } أي كانوا عالمين بأن العذاب ينزل بهم بما شاهدوا ، وعاينوا من آثار من تقدمهم ، وعلموا( {[15763]} ) بأنهم إنما أهلكوا بالذي هم عليه ، لكنهم عاندوا .

وقال بعضهم : { وكانوا مستبصرين } أي هالكين في الضلالة . وقال بعضهم : { مستبصرين } أي كانوا بصراء علماء في أنفسهم ، يعرفون الحق من الباطل ، ليسوا( {[15764]} ) كغيرهم من الأمم .

ألا ترى أنهم قد طلبوا من رسلهم الحجة والآية على ما يدعون إليه حين( {[15765]} ) { قالوا يا هود ما جئتنا ببينة } [ هود : 53 ] وقال قوم صالح { فأت بآية إن كنت من الصادقين } [ الشعراء : 154 ] ونحوه ؟ .

وقال قتادة : { مستبصرين } أي معجبين بضلالتهم .


[15762]:في الأصل وم: شاهدوه.
[15763]:في الأصل وم: وعلمهم..
[15764]:في الأصل وم: ليس.
[15765]:في الأصل وم: حيث.