اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَعَادٗا وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَٰكِنِهِمۡۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسۡتَبۡصِرِينَ} (38)

قوله تعالى : «وَعَاداً وَثمُوداً » نصب «بأَهْلَكْنَا » مقدراً{[41471]} ، أو عطف على مفعول «فَأَخَذَتْهُمْ »{[41472]} أو على منصوب{[41473]} «ولقد فتنا » أول السورة ، وهو قول الكسائي . وفيه بعد كثير وتقدم تنوين «ثمود » ، وعدمه{[41474]} في هود ، وقرأ ابن{[41475]} وثاب : «وعادٍ وَثُمُودٍ » بالخفض عطفاً على{[41476]} «مَدْيَنَ » عطف لمجرد الدلالة ، وإلا{[41477]} يلزم أن يكون شعيبٌ مرسلاً إليهما ، وليس كذلك .

قوله : { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِن مَسَاكِنِهِمْ } أي ما حلَّ بهم وقرأ الأعمش : «مَسَاكِنُهُم » بالرفع على الفاعلية{[41478]} بحذف «من » . ثم ( بين ){[41479]} سبب ( ما ){[41480]} جرى عليهم فقال : { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل } أي عن سبيل الحق ، وهو عابدة الله «وكَانُوا مُسْتَبصرِينَ » قال مقاتل والكلبي{[41481]} وقتادة كانوا معجبين{[41482]} في دينهم وضلالتهم يحسبون أنهم على هدى ، وكانوا على الباطل ، والمعنى أنهم كانوا{[41483]} عند أنفسهم مستبصرين وقال الفراء{[41484]} : كانوا عقلاء ذوي بصائر . وقيل : كانوا مستبصرين{[41485]} بواسطة الرسل ، يعني لم يكن لهم في ذلك عذر لأن الرسل أوضحوا السبل .


[41471]:انظر: البيان لابن الأنباري 2/244، والبحر المحيط 7/152، والدر المصون 4/305.
[41472]:المراجع السابقة.
[41473]:المراجع السابقة.
[41474]:المراجع السابقة.
[41475]:ابن وثاب: يحيى بن وثاب الأسدي الكوفي القارئ العابد أحد الأعلام، مولى بني الأسد، روى عن ابن عباس، وابن عمر وعن مسروق وقرأ عليه الأعمش، وطلحة بن مصرف، مات سنة 103 هـ. انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي 1/62: تهذيب الكمال 249، تذكرة الحفاظ 1/106.
[41476]:انظر: البحر المحيط 7/152.
[41477]:في "ب" ولا يلزم.
[41478]:وهي قراءة شاذة، انظر: المرجع السابق 7/152.
[41479]:ساقط من "ب".
[41480]:ساقط من "ب".
[41481]:تقدم.
[41482]:انظر: فتح القدير 4/202.
[41483]:المرجع السابق.
[41484]:انظر: معاني القرآن للفراء 2/317.
[41485]:المرجع السابق.