التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ} (175)

وقوله : ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة ) ( أولئك ) اسم إشارة في محل رفع مبتدأ وخبره الاسم الموصول ( الذين ) في محل رفع ، والجملة الفعلية بعده صلة الموصول .

المراد باسم الإشارة ( أولئك ) هم اليهود الذين اعتاضوا عن الاستقامة وقول الحق والعدل والالتزام بشرع الله ودينه ، بالزيغ والانحراف إذ كذبوا على الله بنكرانهم نبوة محمد ( ص ) وتحيزهم إلى فئة المشركين . وذلك هو اشتراء الضلالة وهي الكفر والانحراف والتحيز للشرك والباطل ، ودفعوا بدل ذلك عقيدتهم وملتهم إذ زيفوهما تزييفا وبدلوهما تبديلا . ومثل هذا التزييف أو التبديل أو الانحراف يؤول بهؤلاء المشركين إلى عذاب الله بدلا من مغفرته .

وقوله : ( فما أصبرهم على النار ) ما تفيد التعجب والتقدير : شيء أصبرهم . أصبر فعل ماض مبني على الفتح والضمير المتصل في محل نصب مفعول به . والميم للجمع وما في محل رفع مبتدأ ، وما بعدها خبر{[187]} . والآية تبين فظاعة العذاب الأليم الذي يحترق فيه هؤلاء المشركون الضالون . وهم حين يلجون النار يُكبكبون فيها تكبكبا وهم داخرون مقهورون . حتى إن من يبصرهم وهم يتقاحمون في النار يمتلكه العجب المدهش لصبرهم على النار المتأججة المستعرة التي تصهر الجبال فكيف بالجلود والأبدان ؟ ! .

وقيل : ( فما أصبرهم على النار ) أي ما أدومهم وأطول بقاءهم في النار وقيل : ما تفيد الاستفهام ومعناه التوبيخ . وقيل : تعني الاستهانة والاستخفاف بهم .


[187]:- البين للأنباري جـ 1 ص 138