فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ} (175)

{ أولئك } أي الموصوفون بالصفات الستة من قوله { إن الذين يكتمون } إلى هنا ، وهذا بيان لحالهم في الدنيا بعد أن بين حالهم في الآخرة { الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة } أي اختاروا الضلالة على الهدى واختاروا العذاب على المغفرة . وفي كتمانه الضلالة والعذاب { فما أصبرهم على النار } حتى تركوا الحق واتبعوا الباطل وقد تقدم تحقيق معناه .

وذهب الجمهور ومنهم الحسن ومجاهد إلى أن معناه التعجب ، والمراد تعجب المخلوقين من حال هؤلاء الذين باشروا الأسباب الموجبة لعذاب النار ، فكأنهم بهذه المباشرة للأسباب صبروا على العقوبة في نار جهنم ، وحكى الزجاج أن المعنى ما أبقاهم على النار ، من قولهم ما أصبر فلانا على الحبس أي ما أبقاه فيه ، وقيل المعنى ما أقل جزعهم من النار ، فجعل قلة الجزع صبرا ، وقال الكسائي وقطرب أي ما أدومهم على عمل أهل النار ، وقيل { ما } استفهامية ومعناه التوبيخ أي أي شيء صبرهم على عمل أهل النار ، وهذا من مجاز الكلام ، وبه قال ابن عباس والسدي وعطاء وأبو عبيدة .