المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُۥ كَانَت تَّأۡتِيهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٞ يَهۡدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْۖ وَّٱسۡتَغۡنَى ٱللَّهُۚ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (6)

وقوله تعالى : { ذلك بأنه } إشارة إلى ذوق الوبال ، وكون عذاب الآخرة لهم ، ثم ذكر تعالى من مقالة أولئك الماضين ما هو مشبه لقول كفار قريش من استبعاد بعث الله للبشر ، ونبوة أحد من بني آدم ، وحسد الشخص المبعوث ، وقوله : { أبشر } رفع بالابتداء ، وجمع الضمير في قوله : { يهدوننا } من حيث كان البشر اسم هذا النوع الآدمي ، كأنهم قالوا أناس هداتنا ؟ وقوله تعالى : { استغنى الله } عبارة عما ظهر من هلاكهم ، وأنهم لن يضروا الله شيئاً ، فبان أنه كان غنياً أزلاً وبسبب ظهور هلاكهم بعد أن لم يكن ظاهراً ساغ استعمال هذا البناء مسنداً إلى اسم الله تعالى ، لأن بناء استفعل إنما هو لطلب الشيء وتحصيله بالطلب .