فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُۥ كَانَت تَّأۡتِيهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٞ يَهۡدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْۖ وَّٱسۡتَغۡنَى ٱللَّهُۚ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (6)

والإشارة بقوله : { ذلك } إلى ما ذكر من العذاب في الدارين ، وهو مبتدأ وخبره { بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبَيِّنَاتِ } أي بسبب أنها كانت تأتيهم الرسل المرسلة إليهم بالمعجزات الظاهرة { فَقَالُواْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا } أي قال كل قوم منهم لرسولهم هذا القول منكرين أن يكون الرسول من جنس البشر متعجبين من ذلك ، وأراد بالبشر الجنس ، ولهذا قال : { يهدوننا } . { فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ } أي كفروا بالرسل وبما جاءوا به وأعرضوا عنهم ولم يتدبروا فيما جاءوا به ، وقيل : كفروا بهذا القول الذي قالوه للرسل { واستغنى الله } عن إيمانهم وعبادتهم . وقال مقاتل : استغنى الله بما أظهره لهم من البرهان وأوضحه من المعجزات ، وقيل : استغنى بسلطانه عن طاعة عباده { والله غَنِيٌّ حَمِيدٌ } أي غير محتاج إلى العالم ولا إلى عبادتهم له ، محمود من كل مخلوقاته بلسان المقال والحال .

/خ6