النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُۥ كَانَت تَّأۡتِيهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٞ يَهۡدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْۖ وَّٱسۡتَغۡنَى ٱللَّهُۚ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (6)

{ . . . . فقالوا أَبَشَرٌ يَهْدونَنا } يعني أن الكفار قالوا ذلك استصغاراً للبشر أن يكونوا رسلاً من اللَّه إلى أمثالهم ، والبشر والإنسان واحد في المعنى ، وإنما يختلفان في اشتقاق الاسم ، فالبشر مأخوذ من ظهور البشرة ، وفي الإنسان وجهان :

أحدهما : مأخوذ من الإنس .

والثاني : من النسيان .

{ فَكَفَروا } يعني بالرسل { وَتَوَلَّوْا } يعني عن البرهان .

{ واستغنى اللَّه } فيه وجهان :

أحدهما : بسلطانه عن طاعة عباده ، قاله مقاتل .

الثاني : واستغنى اللَّه بما أظهره لهم من البرهان وأوضحه لهم من البيان من زيادة تدعو إلى الرشد وتقود إلى الهداية .

{ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } في قوله { غَنِيٌّ } وجهان :

أحدهما : غني عن صدقاتكم ، قاله البراء بن عازب .

الثاني : عن عملكم ، قاله مقاتل .

وفي { حميد } وجهان :

أحدهما : يعني مستحمداً إلى خلقه بما ينعم به عليهم ، وهو معنى قول عليّ .

الثاني : إنه مستحق لحمدهم .

وحكي عن ابن عباس فيه ثالث : معناه يحب من عباده أن يحمدوه .