معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (9)

قوله تعالى : { وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً } قرأ حمزة و الكسائي وحفص : ( ( سداً ) ) بفتح السين ، وقأ الآخرون بضمها ، { فأغشيناهم } فأعميناهم ، من التغشية وهي التغطية ، { فهم لا يبصرون } سبيل الهدى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (9)

وقرأ الجمهور «سُداً » بضم السين في الموضعين ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وابن مسعود وطلحة وابن وثاب وعكرمة والنخعي وابن كثير «سَداً » بفتح السين ، وقال أبو علي : قال قوم هما بمعنى واحد أي حائلاً يسد طريقهم ، وقال عكرمة : ما كان مما يفعله البشر فهو بالضم وما كان خلقة فهو بالفتح .

قال القاضي أبو محمد : والسد ما سد وحال ، ومنه قول الأعرابي في صفة سحاب : طلع سد مع انتشار الطفل{[9773]} ، أي سحاب سد الأفق ، ومنه قولهم : جراد سد{[9774]} ، ومعنى الآية أن طريق الهدى سد دونهم ، وقرأ جمهور الناس «فأغشيناهم » بالغين منقوطة أي جعلنا على أعينهم غشاوة ، وقرأ ابن عباس وعكرمة وابن يعمر وعمر بن عبد العزيز والنخعي وابن سيرين «فأعشيناهم » بالعين غير منقوطة ، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي من العشى أي أضعفنا أبصارهم{[9775]} والمعنى { فهم لا يبصرون } رشداً ولا هدى ، وقرأ يزيد البربري «فأغشيتهم » بتاء دون ألف وبالغين منقوطة .


[9773]:جاء في اللسان(سدد):"أبو زيد: السد من السحاب: النشء الأسود، من أي أقطار السماء نشأ، والسد واحد السدود، وهي السحائب السود. ابن سيده: والسد: السحاب المرتفع الساد الأفق، والجمع سدود، قال: قعدت له وشيعني رجال وقد كثر المخايل والسدود وفيه أيضا(طفل):"طَفَل العشي: آخره عند غروب الشمس واصفرارها، يقال: أتيته طَفَلا، وطَفلت الشمس: دنت للغروب".
[9774]:قال في اللسان(سدد):"والسد: القطعة من الجراد تسد الأفق، قال الراجز: سيل الجراد السد يرتاد الخضر ويقال: جاءنا سد من جراد، وجاءنا جراد سد إذا سد الأفق من كثرته".
[9775]:ومن هذا المعنى قال الحطيئة: متى تأتيه تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد