قال ابن عطية : وقوله { فأغشيناهم فهم لا يبصرون } يضعف هذا ، لأن بصر الكافر يوم القيامة إنما هو حديد يرى قبح حاله .
ألا ترى إلى قوله : { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً } وقوله : { قال رب لما حشرتني أعمى } وإما أن يكون قوله : { فبصرك اليوم حديد } كناية عن إدراكه ما يؤول إليه ، حتى كأنه يبصره .
قال ابن عباس ، وابن إسحاق : استعارة لحالة الكفرة الذين أرادوا الرسول بسوء ، جعل الله هذا لهم مثلاً في كفه إياهم عنه ، ومنعهم من أذاه حين بيتوه .
وقال الضحاك ، والفراء : استعارة لمنعهم من النفقة في سبيل الله ، كما قال : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } وقال عكرمة : نزلت حين أراد أبو جهل ضربه بالحجر العظيم ، وفي غير ذلك من المواطن ، فمنعه الله ؛ وهذا قريب من قول ابن عباس ، فروى أن أبا جهل حمل حجراً ليدفع به النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي ، فانثنت يداه إلى عنقه حتى عاد إلى أصحابه والحجر في يده قد لزق ، فما فكوه إلا بجهد ، فأخذ آخر ، فلما دنا من الرسول ، طمس الله بصره فلم يره ، فعاد إلى أصحابه فلم يبصرهم حتى نادوه ، فجعل الغل يكون استعارة عن منع أبي جهل وغيره في هذه القصة .
ولما كان أصحاب أبي جهل راضين بما أراد أن يفعل ، فنسب ذلك إلى جمع .
وقالت فرقة : استعارة لمنع الله إياهم من الإيمان وحوله بينهم وبينه .
قال ابن عطية : وهذا أرجح الأقوال ، لأنه تعلى لما ذكر أنهم لا يؤمنون ، لما سبق لهم في الأزل عقب ذلك بأن جعل لهم من المنع وإحاطة الشقاوة ما حالهم معه حال المغلوين . انتهى .
وقال الزمخشري : مثل تصمميهم على الكفر ، وأنه لا سبيل إلى دعواهم بأن جعلهم كالمغلولين المقمحين في أنهم لا يلتفتون إلى الحق ولا يعطفون أعناقهم نحوه ، ولا يطأطئون رؤوسهم له ، وكالحاصلين بين سدين لا يبصرون ما قدامهم ولا ما خلفهم في أن لا تأمل لهم ولا يبصرون ، إنهم متعامون عن النظر في آيات الله تعالى .
ألا ترى إلى قول أهل السنة استعارة لمنع الله إياهم من الإيمان ؟ وقول الزمخشري مثل تصمميهم ونسبته الأفعال التي يعدها إليهم لا إلى الله .
وقرأ عبد الله ، وعكرمة ، والنخعي ، وابن وثاب ، وطلحة ، وحمزة ، والكسائي ، وابن كثير ، وحفص : { سداً } بفتح السين فيهما ؛ والجمهور : بالضم ، وتقدم شرح السد في الكهف .
وقرأ الجمهور : { فأغشيناهم } بالغين منقوطة ؛ وابن عباس ، وعمر بن عبد العزيز ، وابن يعمر ، وعكرمة ، والنخعي ، وابن سيرين ، والحسن ، وأبو رجاء ، وزيد ابن علي ، ويزيد البربري ، ويزيد بن المهلب ، وأبو حنيفة ، وابن مقسم : بالعين من العشاء ، وهو ضعف البصر ، جعلنا عليها غشاوة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.