إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (9)

{ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فأغشيناهم فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } إمَّا تتَّمةٌ للتَّمثيل وتكميلٌ له أي تكميلٍ أي وجعلنا مع ما ذُكر من أمامهم سَدَّاً عظيماً ومن ورائهم سَدَّاً كذلك فغطَّينا بهما أبصارهم فهم بسبب ذلك لا يقدرونَ على إبصارِ شيءٍ ما أصلاً وإمَّا تمثيلٌ مستقلٌّ فإنَّ ما ذُكر من جعلهم محصورينَ بين سَدَّينِ هائلين قد غطَّيا أبصارَهم بحيث لا يُبصرون شيئاً قطعاً كافٍ في الكشف عن كمال فظاعةِ حالِهم وكونِهم محبوسين في مطمورةِ الغيِّ والجهالاتِ محرومين عن النَّظرِ في الأدلَّةِ والآياتِ وقرئ سُدَّاً بالضمِّ وهي لغةٌ فيه ، وقيل ما كان من عمل النَّاسِ فهو بالفتحِ وما كان من خلقِ الله فبالضمِّ . وقرئ فأعشينَاهم من العَشَا . وقيل الآيتانِ في بني مخزومٍ وذلك أنَّ أبا جهلٍ حلف لئِن رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي ليرضخنَّ رأسَه فأتاه وهو عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يُصلِّي ومعه حجرٌ ليدمغَه فلَّما رفع يدَه انثنتْ يدُه إلى عنقِه ولزق الحجرُ بيده حتَّى فكُّوه عنها بجهدٍ فرجع إلى قومه فأخبرَهم بذلك فقال مخزوميٌّ آخرُ أنا أقتلُه بهذا الحجرِ فذهب فأَعمى الله تعالى بصرَهُ .