معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ يَعۡمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَنۡ هُوَ أَهۡدَىٰ سَبِيلٗا} (84)

قوله عز وجل : { قل كل يعمل على شاكلته } ، قال ابن عباس : على ناحيته . وقال الحسن وقتادة : على نيته . قال مقاتل : على خليقته قال الفراء على طريقته التي جبل عليها . وقال القتيبي : على طبيعته وجبلته . وقيل : على السبيل الذي اختاره لنفسه ، وهو من الشكل ، يقال : لست على شكلي ولا شاكلتي ، وكلها متقاربة ، تقول العرب : طريق ذو شواكل إذا تشعبت منه الطرق . ومجاز الآية : كل يعمل على ما يشبهه ، كما يقال في المثل : كل امرئ يشبهه فعله . { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً } أوضح طريقا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ يَعۡمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَنۡ هُوَ أَهۡدَىٰ سَبِيلٗا} (84)

{ قل كلٌّ يعمل على شاكلته } قل كل أحد يعمل على طريقته التي تشاكل حاله في الهدى والضلالة ، أو جوهر روحه وأحواله التابعة لمزاج بدنه . { فربّكم اعلم بمن هو أهدى سبيلا } أسد طريقا وأبين منهجا ، وقد فسرت الشاكلة بالطبيعة والعادة والدين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ يَعۡمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَنۡ هُوَ أَهۡدَىٰ سَبِيلٗا} (84)

هذا تذييل ، وهو تنهية للغرض الذي ابتدىء من قوله : { ربكم الذي يزجى لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله } [ الإسراء : 66 ] الراجع إلى التذكير بنعم الله تعالى على الناس في خلال الاستدلال على أنه المتصرف الوحيد ، وإلى التحذير من عواقب كفران النعم . وإذ قد ذكر في خلال ذلك فريقان في قوله : { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } الآية [ الإسراء : 71 ] ، وقوله : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً } [ الإسراء : 82 ] .

ولما في كلمة ( كل ) من العموم كانت الجملة تذييلاً .

وتنوين { كل } تنوين عوض عن المضاف إليه ، أي كل أحد مما شمله عموم قوله : { ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى } [ الإسراء : 72 ] وقوله : { ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً } [ الإسراء : 82 ] وقوله : { وإذا أنعمنا على الإنسان } [ الإسراء : 83 ] .

والشاكلة : الطريقة والسيرة التي اعتادها صاحبها ونشأ عليها . وأصلها شاكلة الطريق ، وهي الشعبة التي تتشعب منه . قال النابغة يذكر ثوباً يشبه به بُنيات الطريق :

له خُلج تهوي فُرادَى وترعوي *** إلى كل ذي نيرَين بادي الشواكل

وهذا أحسن ما فسر به الشاكلة هنا . وهذه الجملة في الآية تجري مجرى المثل .

وفرع عليه قوله : { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا } وهو كلام جامع لتعليم الناس بعموم علم الله ، والترغيب للمؤمنين ، والإنذار للمشركين مع تشكيكهم في حقية دينهم لعلهم ينظرون ، كقوله : { وإنا أو إياكم لعلى هدى } الآية [ سبأ : 24 ] .