معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (117)

قوله تعالى : { ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به } أي : لا حجة له به ولا بينة ، لأنه لا حجة في دعوى الشرك ، { فإنما حسابه } جزاؤه ، { عند ربه } يجازيه بعمله ، كما قال تعالى : { ثم إن علينا حسابهم } { إنه لا يفلح الكافرون } لا يسعد من جحد وكذب { وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (117)

{ ومن يدع مع الله إلها آخر } يعبده إفرادا أو إشراكا . { لا برهان له به } صفة أخرى لإلها لازمة له فإن الباطل لا برهان به ، جيء بها للتأكيد وبناء الحكم عليه تنبيها على أن التدين بما لا دليل عليه ممنوع فضلا عما دل الدليل على خلافه ، أو اعتراض بين الشرط والجزاء لذلك : { فإنما حسابه عند ربه } فهو مجاز له مقدار ما يستحقه . { إنه لا يفلح الكافرون } إن الشأن وقرئ بالفتح على التعليل أو الخبر أي حسابه عدم الفلاح . بدأ السورة بتقرير فلاح المؤمنين وختمها بنفي الفلاح عن الكافرين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (117)

لما كان أعظم ما دعا الله إليه توحيده وكان أصل ضلال المشركين إشراكهم أعقب وصف الله بالعلو العظيم والقدرة الواسعة ببيان أن الحساب الواقع بعد البعث ينال الذين دعَوا مع الله آلهة دعوى لا عذر لهم فيها لأنها عرية عن البرهان أي الدليل ، لأنهم لم يثبتوا لله المُلك الكامل إذ أشركوا معه آلهة ولم يثبتوا ما يقتضي له عظيم التصرف إذ أشركوا معه تصرف آلهة . فقوله : { لا برهان له به } حال من { من يدع مع الله إلهاً آخر } ، وهي حال لازمة لأن دعوى الإله مع الله لا تكون إلا عرية عن البرهان ونظير هذا الحال قوله تعالى : { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } [ القصص : 50 ] .

والقصر في قوله : { فإنما حسابه عند ربه } قصر حقيقي . وفيه إثبات الحساب وأنه لله وحده مبالغة في تخطئتهم وتهديدهم .

ويجوز أن يكون القصر إضافياً تطمينا للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن الله لا يؤاخذه باستمرارهم على الكفر كقوله { إن عليك إلا البلاغ } [ الشورى : 48 ] وقوله : { لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين } [ الشعراء : 3 ] وهذا أسعد بقوله بعده { وقل رب اغفر وارحم } [ المؤمنون : 118 ] .

ويدل على ذلك تذييله بجملة { إنه لا يفلح الكافرون } . وفيه ضرب من رد العجز على الصدر إذ افتتحت السورة ب { قد أفلح المؤمنون } [ المؤمنون : 1 ] وختمت ب { إنه لا يفلح الكافرون } وهو نفي الفلاح عن الكافرين ضد المؤمنين .