البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (117)

و { مِنْ } شرطية والجواب { فَإِنَّمَا } و { لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ } صفة لازمة لا للاحتراز من أن يكون ثم آخر يقوم عليه برهان فهي مؤكدة كقوله { يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } ويجوز أن تكون جملة اعتراض إذ فيها تشديد وتأكيد فتكون لا موضع لها من الإعراب كقولك : من أساء إليك لا أحق بالإساءة منه ، فأسيء إليه .

ومن ذهب إلى أن جواب الشرط هو { لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ } هروباً من دليل الخطاب من أن يكون ثم داع له برهان فلا يصح لأنه يلزم منه حذف الفاء في جواب الشرط ، ولا يجوز إلاّ في الشعر وقد خرجناه على الصفة اللازمة أو على الاعتراض وكلاهما تخريج صحيح .

وقرأ الحسن وقتادة ( انه ) لايفلح بفتح الهمزة ، أي هو فوضع الكافرون موضع الضمير حملا على معنى من والجمهور بكسر الهمزة وخبر ( حسابه ) الظرف أنه استئناف وقرأ الحسن يفلح بفتح الفاء واللام وافتتح السورة بقوله { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون } وأورد في خاتماتها إنه لا يفلح الكافرون فانظر تفاوت بين الإفتتاح والاختتام ، ثم امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بان يدعوا بالغفران والرحمة وقرأابن محيص وقرأ الحسن وقتادة { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ } بفتح الهمزة أي هو فوضع { الكافرون } موضع الضمير حملاً على معنى من ، والجمهور بكسر الهمزة وخبر { حِسَابُهُ } الظرف و { أَنَّهُ } استئناف .

وقرأ الحسن { يُفْلِحُ } بفتح الفاء واللام ، وافتتح السورة بقوله { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون } وأورد في خاتمتها { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون } فانظر تفاوت ما بين الافتتاح والاختتام .