تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (117)

الآية 117 : وقوله تعالى : { ومن يدع مع الله إلها آخر } ظاهر هذا يوحي أن هنالك إلها آخر لأنه قال : { ومن يدع مع الله إلها آخر } لكنه يخرج على وجهين : أحدهما : كقوله : { ولا تجعل مع الله إلها آخر } ( الإسراء : 39 ) وكقوله{[13595]} : { ولا تجعلوا مع الله إلها آخر } ( الذاريات : 51 ) .

والثاني : { ومن يدع مع الله إلها آخر } ( أي من يسم مع الله إلها آخر ){[13596]} إذ كانوا يسمون الأصنام التي كانوا يعبدونها آلهة . على هذين الوجهين يخرج تأويل الآية .

وقوله تعالى : { لا برهان له به } أي لا حجة له{[13597]} بذلك ، لأن الحجة إنما تكون بوجوه ثلاثة : إما بالإخبار التي تجوز الشهادة على صدقها وصحتها ، وإما بالعقول تشهد على ذلك ، وإما من جهة الحس يدل على ذلك ، فلم يكن له{[13598]} واحد من هذه الوجوه .

ثم الحس يكون بالدلالة من وجهين : أحدهما : بوقوع الحس عليه بالبديهة .

( والثاني ){[13599]} : بآثار تدل على الألوهية .

فلا كان في ظاهر وقوع الحس دلالة ذلك ، ولا كان بها آثار تدل على ذلك ، بل فيها آثار العبودة والذل فضلا ألا تكون لها آثار الألوهية ، ولا عذر لهم في ذلك ، لأن العبادة لآخر إنما تكون لوجوه : إما للنعم والأيادي تكون منه إليه ، فيعبده{[13600]} شكرا لما أنعم عليه ، وأحسن إليه ، وإما لحوائج{[13601]} ، يطمع قضاءها له من عنده ، أو لما يرى له في نفسه من آثار العبودة له . فإذا لم يكن واحدا من هذه الوجوه التي ذكرنا لا عذر لهم في عبادة تلك الأصنام .

فإن قالوا : لنا برهان وحجة في ذلك قيل : قطع حجاجكم بما ذكر من قوله : { إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره } الآية ( الزمر : 38 ) وقوله : { فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } ( الإسراء : 56 ) ونحو ذلك من الآيات فيها قطع حجاجهم .

وفي حرف حفصة : { لا برهان له } أي لا سلطان/360-أ/ له به .

وقوله تعالى : { فإنما حسابه عند ربه } قال قائلون : { فإنما حسابه عند ربه } هو قوله : { إنه لا يفلح الكافرون } .

وقال بعضهم : حسابه : جزاؤه لصنيعه عند ربه كقوله : { إن إلينا إيابهم } { ثم إن علينا حسابهم } ( الغاشية : 25 و 26 ) .


[13595]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[13596]:من م، ساقطة من الأصل.
[13597]:في الأصل وم: لهم.
[13598]:في م: لهم، ساقطة من الأصل.
[13599]:في الاصل وم: أو.
[13600]:في الأصل وم: فيعبدوه.
[13601]:في الأصل وم: لحوائجهم.