معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (53)

قوله تعالى : { وإذ آتينا موسى الكتاب } . يعني التوراة .

قوله تعالى : { والفرقان } . قال مجاهد : هو التوراة أيضاً ذكرها باسمين ، وقال الكسائي : الفرقان نعت الكتاب والواو زائدة ، يعني : الكتاب الفرقان . أي المفرق بين الحلال والحرام ، وقال يمان بن ريان : أراد بالفرقان انفراق البحر . كما قال ( وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم ) .

قوله تعالى : { لعلكم تهتدون } . بالتوراة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (53)

وقوله : { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } يعني : التوراة { وَالْفُرْقَانَ } وهو ما يَفْرق بين الحق والباطل ، والهدى والضلال { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } وكان ذلك - أيضا - بعد خروجهم من البحر ، كما دل عليه سياق الكلام في سورة الأعراف . ولقوله{[1740]} تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ القصص : 43 ] .

وقيل : الواو زائدة ، والمعنى : ولقد آتينا موسى الكتاب والفرقان وهذا غريب ، وقيل : عطف عليه وإن كان المعنى واحدًا ، كما في قول الشاعر :

وقدمت الأديم لراهشيه *** فألفى قولها كذبًا ومينا

وقال الآخر :

ألا حبذا هند وأرض بها هند *** وهند أتى من دونها النأي والبعد .

فالكذب هو المين ، والنأي : هو البعد . وقال عنترة :

حييت من طلل تقادم عهده *** أقوى وأقفر بعد أم الهيثم

فعطف الإقفار على الإقواء وهو هو .


[1740]:في جـ: " "وكقوله".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (53)

هذا تذكير بنعمة نزول الشريعة التي بها صلاح أمورهم وانتظام حياتهم وتأليف جماعتهم مع الإشارة إلى تمام النعمة وهم يعدونها شعار مجدهم وشرفهم لسعة الشريعة المنزلة لهم حتى كانت كتاباً فكانوا به أهل كتاب أي أهل علم تشريع .

والمراد من { الكتاب } التوراة التي أوتيها موسى فالتعريف للعهد ، ويعتبر معها ما ألحق بها على نحو ما قدمناه في قوله تعالى : { ذلك الكتاب } [ البقرة : 1 ] .

والفرقان مصدر بوزن فعلان مشتق من الفرق وهو الفصل استعير لتمييز الحق من الباطل فهو وصف لغوي للتفرقة فقد يطلق على كتاب الشريعة وعلى المعجزة وعلى نصر الحق على الباطل وعلى الحجة القائمة على الحق وعلى ذلك جاءت آيات { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده } [ الفرقان : 1 ] { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان } [ الأنبياء : 48 ] فلعله أراد المعجزات لأن هارون لم يؤت وحياً وقال : { يوم الفرقان يوم التقى الجمعان } [ الأنفال : 41 ] يعني يوم النصر يوم بدر وقال : { وأنزل الفرقان } [ آل عمران : 4 ] عطفاً على { نزل عليك الكتاب بالحق وأنزل التوراة والإنجيل } [ آل عمران : 3 ] الآية .

والظاهر أن المراد به هنا المعجزة أو الحجة لئلا يلزم عطف الصفة على موصوفها إن أريد بالفرقان الكتاب الفارق بين الحق والباطل والصفة لا يجوز أن تتبع موصوفها بالعطف ومن نظر ذلك بقول الشاعر :

إلى الملك القرم وابن الهمام *** وليث الكتيبة في المزدحم

فقد سها لأن ذلك من عطف بعض الصفات على بعض لا من عطف الصفة على الموصوف كما نبه عليه أبو حيان .

وقوله : { لعلكم تهتدون } هو محل المنة لأن إتيان الشريعة لو لم يكن لاهتدائهم وكان قاصراً على عمل موسى به لم يكن فيه نعمة عليهم . والقول في { لعلكم تهتدون } كالقول في { لعلكم تشكرون } [ البقرة : 51 ] السابق .